عواصم - (وكالات): فاز الملياردير الأمريكي الشعبوي دونالد ترامب الذي لا يملك أي خبرة سياسية أمس في الانتخابات الرئاسية، في زلزال سياسي غير مسبوق أغرق الولايات المتحدة في مرحلة غموض قصوى، وصدمة يحاول العالم امتصاصها. وتعهد ترامب في خطاب ألقاه بعد فوزه بأنه سيكون رئيساً لكل الأمريكيين معتبراً أنه آن الأوان لأمريكا لكي «تضمد جراح الانقسام». وتوالت ردود الفعل المهنئة من مختلف أنحاء العالم.
وبعد 8 سنوات على انتخاب باراك أوباما، أول رئيس أسود، العملية التي أثارت موجة آمال كبرى في جميع أنحاء البلاد، فاز المرشح الجمهوري ترامب «70 عاماً» الذي تخللت حملته الانتخابية فضائح جنسية وانتقادات بسبب مواقفه المعادية للاجانب، على الديمقراطية هيلاري كلينتون التي كانت تأمل في أن تصبح أول امرأة تتولى الرئاسة في الولايات المتحدة. وأكد ترامب في خطاب النصر في نيويورك أنه سيكون رئيساً لكل الأمريكيين. وقال «لقد تلقيت للتو اتصالاً من وزيرة الخارجية كلينتون لتهنئتي»، مضيفاً «لقد هنأتها أيضاً هي وعائلتها عل هذه الحملة التي خاضتها بضراوة».
وتابع «هيلاري عملت لفترة طويلة وبشكل حثيث»، مؤكداً أن الولايات المتحدة تشعر «بالامتنان» لكلينتون على خدماتها. وأضاف «آن الأوان لأمريكا لكي تضمد جراح الانقسام». وحرص الرئيس المنتخب لأكبر قوة في العالم الذي أثار برنامجه حول السياسة الخارجية تساؤلات عديدة، على طمأنة الدول الأخرى أيضاً. وقال «سنتفاهم مع كل الدول الأخرى التي لديها الرغبة في التفاهم معنا».
وهنأه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معرباً عن أمله في تحسن العلاقات الروسية الأمريكية التي تشهد «وضعاً صعباً». وقال ترامب الذي قام بحملة انتخابية على أساس أنه دخيل على السياسة مصمم على مكافحة فساد النخب السياسية في واشنطن، «لدينا برنامج اقتصادي جيد». وأضاف «سنبدأ العمل فوراً من أجل الشعب الأمريكي».
وكان الملياردير وعد بنتيجة «أقوى من بريكست بثلاث مرات»، في إشارة إلى المفاجأة التي فجرها تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي. ويشكل فوزه نكسة للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وضع كل ثقله من أجل دعم ترشيح وزيرة خارجيته. واستمرت الحملة الانتخابية 18 شهراً وأدت إلى انقسام شديد في الولايات المتحدة وفاجأت العالم بمدى ابتذالها وضراوتها. ويرى أكثر من 60% من الأمريكيين أن دونالد ترامب لا يتمتع بالطباع المناسبة لكي يصبح رئيساً، لكنه نجح في الاستفادة من غضب وقلق قسم من الأميركيين.
وفيما أقرت كلينتون في اتصال هاتفي مع ترامب بهزيمتها، عبر مناصروها الذين كانوا يرتقبون النتائج في مركز جافيتس في نيويورك عن خيبة أمل شديدة.
وتسبب فوز ترامب بالرئاسة بهزة قوية في الأسواق حيث تراجعت البورصات الأوروبية والآسيوية، وتفردت بورصة موسكو بالثبات. كما تراجع سعر الدولار، وسارع المستثمرون إلى اللجوء للذهب وسندات الخزينة التي تعتبر أقل مجازفة. كما تراجع سعر الدولار والبيزو المكسيكي حتى قبل إعلان فوز ترامب. وسارعت زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبن إلى تقديم التهاني لترامب و»للشعب الأمريكي الحر». كما هنأه البريطاني نايجل فاراج الذي كان من أبرز الداعين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتوجه قادة العالم بالتهنئة للرئيس المقبل للولايات المتحدة، فيما سادت أجواء قلق وخوف في آسيا بسبب مواقفه المعلنة المثيرة للجدل من المسلمين التي أدلى بها خلال الحملة الانتخابية.
وحذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من «مرحلة من الغموض». ووجه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك دعوة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب لعقد قمة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في أوروبا حين يسمح له الوقت بذلك.
وعرضت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على الرئيس الأمريكي المنتخب «التعاون الوثيق» الذي يستند إلى القيم المشتركة للديموقراطيات الحرة. في المقابل قال وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير إنه يتوقع «أوقاتاً أصعب» على الصعيد الدولي مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وفي الشرق الأوسط، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الأمريكي المنتخب بأنه «صديق حقيقي لدولة إسرائيل»، فيما عبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن أمله في أن يحقق الرئيس الجديد السلام في المنطقة.
كما تقدم بالتهنئة كل من خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. وأعرب خادم الحرمين في برقية تهنئة لترامب عن «تطلعه إلى تعزيز علاقاتنا التاريخية».
واعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن فوز ترامب الذي انتقد مراراً الاتفاق النووي الذي تم في عهد باراك أوباما، لا يمكن أن يؤدي إلى إلغاء الاتفاق. وفي آسيا، احدث فوز ترامب قلقاً بسبب التداعيات التي يمكن أن يخلفها في مجالات عدة بينها التجارة وحقوق الإنسان والتغير المناخي.
ودعي نحو 225 مليون ناخب أمريكي إلى التصويت لاختيار رئيس خلفاً لباراك أوباما الذي سيغادر البيت الأبيض في 20 يناير المقبل بعد 8 سنوات في السلطة.
وأفادت وسائل إعلام أمريكية بأن الجمهوريين احتفظوا بالأغلبية في مجلس الشيوخ ويسيطرون على كل الكونغرس. وفي خضم فوز ترامب، تمكن الجمهوريون من الاحتفاظ بغالبيتهم في الكونغرس الذي يشكل المفصل الاستراتيجي للتطبيق التام لبرنامج الرئيس المنتخب.
ومن خلال سيطرتهم على البيت الأبيض والسلطة التشريعية، سيكون بإمكان الجمهوريين إلغاء إصلاحات الرئيس الديمقراطي باراك أوباما وخصوصاً نظام الضمان الصحي «أوباما كير» الذي شكل أحد المحاور أثناء حملة ترامب الذي سيتولى مهامه في 20 يناير 2017 ليصبح الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة.
كما ستتيح السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب للجمهوريين أن تكون لهم الكلمة الفصل في تعيين كبار المسؤولين الحكوميين وقضاة المحكمة العليا وهو أمر بالغ الأهمية حيث إن المحكمة العليا تحدد وجهة البلاد في القضايا الكبرى للمجتمع.