قال الناشط الحقوقي سلمان ناصر رئيس مجموعة (حقوقيون مستقلون) أن المجموعة قد أصدرت تقريراً تضمن توثيق ورصد كافة المخالفات الجسيمة التي ارتكبت عند إحياء موسم عاشوراء لهذا العام 1435هـ من قبل معظم الحسينيات ومواكب العزاء، وهي مخالفات ارتكبها عدد من الأفراد والشخصيات المحسوبة على جمعيات سياسية وجماعات إرهابية مدعومة من جهات داخلية وخارجية تعمل على إذكاء روح الطائفية وبث الحقد بين شعب البحرين والفتنة بين مكونات المجتمع البحريني المسالم.
وأضاف سلمان أن (حقوقيون مستقلون) قامت بتوثيق هذه المخالفات التي يعاقب عليها القانون البحريني، والتي تمثلت في العبارات التسقيطية والطائفية والشعارات السياسية، وتدنيس صورة جلالة الملك الذي اعتبره الدستور في المادة (33) بأنه "رأس الدولــة، والممثـل الأسمى لها، ذاته مصونة لا تمس، وهو الحامي الأمين للدين والوطن، ورمز الوحدة الوطنية". وأكد سلمان أن هذه المخالفات مرفوضة من قبل كافة مكونات شعب مملكة البحرين، لاسيما وأن الملك هو حامي شرعية الحكم وسيادة الدستور والقانون ويرعى حقوق الأفراد والهيئات وحرياتهم، وبالتالي فإن كافة صور المساس بملك البلاد هو مساس لكل المواطنين.
وجاء في تقرير مجموعة (حقوقيون مستقلون) أنه إلى جانب تلك المخالفات الجسيمة، فإن كثير من الحسينيات قد أقامت عدداً من المضايف التي أطلقت عليها أسماء شخصيات سقطوا خلال الأحداث المؤسفة التي شهدتها البحرين خلال شهري فبراير ومارس 2011، إلى جانب تسمية عدد من المضايف الأخرى بأسماء أشخاص محكومين بقضايا جنائية ورفع شعارات لجماعات إرهابية . وحذرت (حقوقيون مستقلون) أن مثل هذه الأعمال والمخالفات تؤسس للإرهاب المنظم الذي تحذر منه كافة الأنظمة السياسية في العالم، وهو الذي يولد شعوراً نحو العنف يضر المصلحة الوطنية ويؤسس لمرحلة لاحقة تنذر بالعديد من المخاطر على نسيح الوحدة الوطنية في مملكة البحرين.
وأشارت (حقوقيون مستقلون) إلى أن المادة (22) من دستور البحرين قد نص على أن "حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دُور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقا للعادات المرعية في البلد"، قد تضمنت حرية الشعائر والمواكب والاجتماعات الدينية، إلا أنه ما تم رصده من مخالفات تخرج عن الإطار القانوني الذي رسمه الدستور، حيث أضافت (حقوقيون مستقلون) أن مواكب العزاء التي خرجت بها كثير من الحسينيات لإحياء موسم عاشوراء تضمنت شعارات تسقيطية وخطب سياسية قامت بها شخصيات تنتمي لجمعيات سياسية، كما تم إقامة عروض عسكرية تتقدم مواكب العزاء، فضلاً عن بناء مجسات خارجة عن المألوف بحجة أنها أعمال فنية إلا أنها كانت أقرب إلى كونها أعمالاً تزيد من حالة الطائفية وتعزز الفرقة بين المذهبين الكريمين في البحرين.
ولاحظت (حقوقيون مستقلون) أن هذه المخالفات الجسيمة قد صاحبتها أعمال عنف وإرهاب تمثلت في استخدام الزجاجات الحارقة (المولوتوف) ضد شرطة حفظ النظام، إلى جانب وضع قنابل محلية الصنع، وقطع الطرق والشوارع، وترويع المواطنين والآمنين وتهديد سلامتهم .
وطالبت مجموعة (حقوقيون مستقلون) باتخاذ إجراءات وتدابير عاجلة تحد من هذه الأعمال تتمثل فيما يلي:
1-إجراء تحقيق أمني في جميع المخالفات وأعمال العنف التي صاحبت إحياء موسم عاشوراء 1435هـ، وتقديم من يثبت تورطهم في هذه المخالفات وأعمال العنف إلى العدالة لمحاكمتهم. وتطبيق العقوبات اللازمة على كافة الجمعيات السياسية والأهلية التي قامت باستغلال موسم عاشوراء 1435هـ استغلالاً سياسياً لتنفيذ أجندة بعيدة عن شعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية.
2-استعاضة (هيئة المواكب الحسينية) الحالية، بتشكيل هيئة عليا مشتركة تحت مسمى (الهيئة العليا للأديان السماوية) تهدف إلى التسامح بين الأديان والمذاهب، على أن تتشكل من شخصيات معتدلة تمثل كافة الأديان السماوية في البحرين، وتقوم بالإشراف على جميع المناسبات الدينية، مع مراعاة أن تكون الشخصيات ذات استقلالية تامة عن أية تنظيمات سياسية.
3-قيام مجلس النواب بصفته المجلس التشريعي الممثل لشعب البحرين بوضع قانون منفصل ينظم عمل شعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية، على أن يتضمن العقوبات المناسبة لجميع المخالفات التي قد ترتكب، مع الحفاظ على حرية الأفراد في ممارسة شعائرهم الدينية مع اختلاف كافة أديانهم ومذاهبهم. على أن يتضمن القانون حظر أي تدخل سياسي من أي جمعية سياسية في أي من المناسبات الدينية، وحظر تكوين أي موكب خاص لجمعية سياسية. إلى جانب حظر وضع أو حمل صور لشخصيات سياسية أو دينية في أماكن ممارسة الطقوس والمواكب والاجتماعات الدينية، وحظر وضع أسماء تحت شعارات سياسية تذكي الطائفية وتبث الفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الواحد. مع ضرورة تجريم الإساءة للأطياف الأخرى في هذه المناسبات سواء كانت هذه الإساءة عبارة عن قول أو فعل أو رسم، وعدم استغلال تلك المناسبات للمظاهرات السياسية أو الشحن أو التجييش السياسي .
وقد أشادت (حقوقيون مستقلون) بالجهود التي بذلتها وزارة الداخلية في التعامل مع كافة المخالفات وأعمال العنف التي صاحبت موسم عاشوراء 1435هـ بما يتوافق مع القوانين والتشريعات الوطنية ويتلائم مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، حيث تم ملاحظة أن قوات حفظ النظام لم تتدخل إلا في الأوقات التي استلزم تدخلها لفرض النظام والحفاظ على الأمن.
وفي الختام أكدت مجموعة (حقوقيون مستقلون) أن مسؤولية الحفاظ على حقوق الأفراد وحرياتهم مكفولة دستورياً وتشريعياً، وأنها ليست مسؤولية تقع على مؤسسات الدولة أو وزارة الداخلية فقط، وإنما هي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق كافة المؤسسات الرسمية والأهلية والأفراد. وأن ممارسة شعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية يجب أن تمارس في إطار القانون وفي الأماكن التي حددها القانون لإقامتها، على أن تكون بعيدة عن الاستغلال السياسي والممارسات العنيفة والإرهابية.