أكد المحاضر والباحث الأكاديمي د.عبدالله المدني أن هناك عوامل مشتركة كثيرة في دول الخليج تسهل الاتحاد أكثر من أي مكان آخر في العالم، مبيناً أن الحديث عن الاتحاد الخليجي يمر في ذكرى مرور 100 عام على وعد بيلفور وسايكس بيكو، داعياً إلى أهمية لم الشمل خاصة في ظل ما تعيشه دول الخليج الآن من ظروف استثنائية وتحديات راهنة، حيث هناك تهديد في الأرض وهو التهديد الإيراني.
وقال، خلال كلمته بالجلسة الأولى، للمؤتمر الثاني للاتحاد الخليجي بعنوان «الاتحاد الخليجي .. مستقبل ومصير»، والتي استضافت المستشار بالديوان الأميري بالشارقة عبدالرحمن علي الجروان، والباحث بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية د.أشرف كشك، فيما أدارت الجلسة الإعلامية سوسن الشاعر، إننا نعيش أكثر الأزمنة العربية صعوبة ونرى عواصم العربية تدك يومياً بأثقل الأسلحة دكاً، كما أن طعنات الخناجر موجهة إلينا من كل حدب وصوب.
وقال إن الاتحاد الماليزي مر بالعديد من الظروف، من بينها انفصال سنغافورة عن الاتحاد، إلا أن الماليزيين تعاملوا بذكاء من خلال الترابط والحوار الحضاري، حيث سلك كلا البلدين مسلكين متوازيين نحو المجد.
وتابع ها نحن نرى الآن كيف سار الاتحاد الماليزي، بالمقارنة لما كان عليه في السابق، حيث كان مهمشاً، أما الآن فقد أصبح نمراً آسوياً لا يمكن تجاهله”.
وبيّن أن وجود قوة اقتصادية مختلفة بين الدول أمر هام، حيث ستساهم الدول الكبيرة في مساعدة الاقتصاديات الصغيرة، وهو ما حدث في الاتحاد الأوربي، حيث تحملت ألمانيا الحمل الأكبر.
ومن جانبه، أكد الجروان في حديثه عن تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة أن قيام الاتحاد في دولة الإمارات، سبقه دراسات مستفيضة لعدد من الاتحادات التي سبقتنا كالاتحاد السويسري والماليزي وإقامة الاتحاد الألماني والولايات المتحدة، لافتاً إلى أن كل هذه الاتحادات نحن بحاجة إلى دراستها والاستفادة من هذه التجارب، لافتاً إلى أن الإمارات تجربة اتحاد ناجحة، عايش نجاحها وتضحياتها، مشيراً إلى أن الاجتماع الذي عقد بين حكام الإمارات لصياغة مشروع الاتحاد كان ناجحاً جداً. وتابع انطلق حكام الإمارات وعقدوا اجتماعاً وأقروا صياغة لهذا الاتحاد بين الإمارات السبع، تلى ذلك مباحثات وتشاور وتوزيع صلاحيات واعتمدوا دستورأً، في الثاني من ديسمبر حينما أقيم الاتحاد بين الإمارات الست ثم انضمت رأس الخيمة فيما بعد.
وقال إن اتحاد الإمارات العربية المتحدة نجح بسب وجود الشيخ زايد على رأس هذا الإنجاد لأنه كان يؤمن إيماناً تاماً بضرورة الاتحاد فيما بينهم وكان يسعى له وهو أحد العناصر الرئيسة له.وذكر أنه لم تقم أبوظبي باعتبارها الإمارة الكبيرة بتمويل الاتحاد بل تم بالتراضي بين جميع الإمارات.
وقال إن الراحل الشيخ زايد لم يبخل على الاتحاد وغطى 80%، فيما تم لاحقاً شق الطرق وإنشاء المدارس والمستشفيات والمساكن وتقديم خدمات اجتماعية وإيجاد فرص عمل للمواطنين، مما أوجد إحساساً للمواطنين بأهمية هذا الاتحاد الذي نقلهم من حالة الفقر إلى الغنى، حيث قدم لهم إحساساً بأن هذا الاتحاد سيقدم لهم الكثير. وتابع أنه بعدها أصبح المواطن ينتمي للدولة وليس للإمارة، وتناسى حينها المواطنون أعلامهم السابقة لكل إمارة، فيما أصبح علم دولة الإمارات العربية المتحدة هو السائد فقط، كما أن حكام الإمارات كانوا مؤمنين حينها بأهمية هذا الاتحاد. وأضاف أنه بدون إيمان بأهمية الاتحاد لا يمكن أن يقوم، ولو لم يكن هناك استعداد للتضحية لما كان هذا هو الحال.
وبيّن ضرورة تجاوز الدستور بشكل إيجابي من خلال ضم مؤسسات للاتحاد، مثل الشرطة والقضاء وغيرها، مشيراً إلى أن تلك التجربة أضافت قوة للاتحاد الإماراتي ولم تضعفه، كما أنه شجع باقي الإمارات على الانضمام
وقال إن وجود شخصيات بارزة تسعى لحمل راية الاتحاد بالإمارات ساهم في تنفيذ قرارات المجلس الأعلى للاتحاد، كما أن الإمارات العربية المتحدة لم تتعجل بدمج الدوائر، وإنما سعت لبناء مؤسسات جديدة لم تكن موجودة قبل الاتحاد أساساً. ولفت إلى أنه من أبرز العوائق والعراقيل التي واجهها اتحاد الإمارات هو التهديد الإيراني باحتلال الجزر الثلاث، فضلاً عن عجز الدولة الجديدة في مواجهة إيران وقتها. واستطرد بأن مجلس التعاون بكل ما فيه من تقصير كان خطوة مهمة نحو الأمام، إلا أن الآوان قاد حان لإعادة النظر في كل القرارات التي تم اتخاذها في حينها، فالظروف والقناعات تغيرت، مشيراً إلى ضرورة تجاوز جميع العراقيل التي تقف أمام قرارات مجلس التعاون الخليجي.
من جانبه، أكد د.أشرف كشك، إن من أهم مميزات الاتحاد الأوربي هو تحقيقه للأهداف السياسية والاقتصادية بشكل كبير.
وشدد على ضرورة التدرج في التأسيس لأي اتحاد، مشيراً إلى أن الهوية الأوربية لم تمحَ وبقيت الدول محتفظة فيها رغم الاتحاد فيما بينها.
وذكر أن سبب اتحاد بريطانيا من الاتحاد الأوربي هو تاريخي، حيث لديهم فكرة الهوية العزيزة لديهم، وهناك في بريطانيا صعد تيار قوي غير المفهوم لدى البريطانيين، وأفهمهم بأن الخروج من الاتحاد الأوربي سيحسن وضع بريطانيا الاقتصادي، وسيساهم في زيادة الأنشطة الاقتصادية والقضاء على البطالة ومشكلة التضخم التي تعاني منها بريطانيا.