أجمع مشاركون في المنتدى الخليجي الرابع للإعلام السياسي على ضرورة تحصين الهوية الخليجية ضد كل المؤثرات الخارجية، والتي لا تتفق والقيم العربية في منطقة الخليج، منوهين إلى أهمية انعقاد المنتدى لهذا لعام تحت عنوانه الرئيسي «الإعلام والهوية الخليجية». وأكدوا لـ «بنا» على ضرورة العمل وبسرعة لتطوير فكرة المواطنة من خلال بناء الدولة المدنية، التي تشكل حائط الصد الأول في الحفاظ على الهوية العربية الخليجية، خصوصاً وأن المنطقة تعيش صراعاً حضارياً يستهدف الهويات والأوطان والقيم والمبادئ. وقال رئيس مجلس الشورى علي الصالح إن الظروف التي تمر بها المنطقة حالياً، وحالة الصراع الفكري والحضاري تستدعي بالضرورة سرعة العمل لتعزيز الهوية الخليجية، كأحد أركان الدفاع عن منطقتنا وقيمنا وثقافتنا، مضيفاً أن عنوان المؤتمر لهذا العام يعبر وبشكل كبير على مدى الاهتمام والعناية في تعزيز الهوية العربية للخليج، والتأكيد على ثوابته الوطنية.
وأوضح أن الحفاظ على وجودنا وهويتنا وقيمنا العربية الأصيلة وتعزيز ثقافة الولاء والانتماء للوطن، هو أحد أسلحتنا أمام ما نراه اليوم من استهداف في عالم متغير وملتهب، خصوصاً في عدد من الدول من حولنا، ولذلك فعلينا أن نعمل وبسرعة على حماية هويتنا دفاعاً عن وجودنا ومكتسباتنا. وأعرب رئيس «الشورى» عن أمله في أن يخرج المنتدى بتوصيات قابلة للتحقيق يمكن البناء عليها في المستقبل، خصوصاً وأن المشاركين اليوم هم نخبة من أبناء منطقة الخليج الذين نعتز ونفتخر بهم، مؤكداً أن الجميع يدرك التحديات التي نجابهها، وهو ما يمكن أن يكون نقطة انطلاق حقيقية في برامج مخصصة لتعزيز الهوية والانتماء الوطني.
فيما قال وزير الإعلام الكويتي الأسبق د.سعد بن طفلة، إن مسألة الهوية الخليجية تطرح نفسها بقوة هذه الأيام بسبب التشرذم العربي الذي تعيشه المنطقة، إلى جانب الحروب والاحتراب الطائفي الذي تحترف به بعض دول جوار الخليج العربي. وأشار إلى أن تعزيز الهوية الخليجية في معناه الأكبر يعني تعزيز اللحمة الخليجية، والبناء على ضرورة براغماتية مصلحية لأن مصلحتهم الوحيدة في تعايشهم، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتطلب خطاباً شمولياً؛ إعلامياً وتربوياً ودينياً ورسمياً وعلى كل المستويات.
وحذر بن طفلة من أن الخطر قد يصل إلى مجتمع خليجي ما لم يتم تدارك ذلك بأسرع وقت ممكن من خلال تعزيز الخطاب الوطني الخليجي، والذي لا يفرق بين أبناء شعوب المنطقة. وعن مهددات الهوية الخليجية، أشار إلى أن الطائفية هي المهدد الأكبر للهوية الخليجية، حيث تقوم إيران باستخدام هذه الورقة للعب على عواطف فئة من المواطنين في الخليج والعمل على مصادرة مواطنتهم، والعمل على دغدغة مشاعرهم الطائفية.
واستدرك «أن لدى الجانب الآخر أيضاً أشخاصاً يحملون ذات الفكر الطائفي، لذلك يجب علينا أن نعمل وبسرعة على تخفيف حدة الطائفية في المجتمع، حماية للمجتمع والدولة من مخاطر الفكر الطائفي الذي يستهدف الهوية الوطنية الجامعة.
وعن تركيبة المجتمع الخليجي، أشار بن طفلة إلى أن جميع دول العالم تتكون من طوائف وعرقيات وأديان مختلفة، يجمعهم مشتركات أساسها التعايش السلمي في الدولة المدنية ومفهوم المواطنة، والذي يقوم في أحد أركانه على قانون يتساوى أمامه المواطنون، وهو البديل الوحيد للاحتراب والتحزب بين الناس.
وعلى الجانب الاجتماعي، أشار إلى أن هناك ضريبة يجب على المجتمعات دفعها في عالم العولمة، مستشهداً بالعاصمة البريطانية لندن، حيث السعي الحثيث لتكون مركزاً عالمياً، وبالتالي كان لا بد لها أن تتخلى عن جزء من هويتها الإنجليزية، وهذه الضريبة التي يجب أن تدفعها الدول الساعية إلى اللحاق بركب العولمة.
فيما أشار مستشار وزير الثقافة القطري لشؤون المسرح الفنان غانم السليطي، إلى أهمية انعقاد المؤتمر وفي هذا التوقيت بالذات، خصوصاً وأن تعاملنا مع فكر هويتنا الخليجية سابقاً كان يتم بردة الفعل.
وأكد أن المؤتمر محاولة جدية لتحديد مسارات الهجوم الذي تتعرض له المنطقة ومهددات الهوية الخليجية الجامعة، معبراً عن أمله أن يكون بداية ونقطة انطلاق حقيقية نحو تحقيق كل ما نصبو إليه من حماية للهوية الخليجية الجامعة.
وعن دور الفن في حماية الهوية الوطنية، أشار السليطي إلى أن الفنانين الخليجيين طرحوا هذا الأمر منذ سنوات طويلة، مشيراً إلى مساهمة الأعمال الفنية والدرامية الخليجية في هذا الشأن. وأكد أن الفنانين كانوا يملكون نظرة طويلة المدى في مجال الهوية، لذلك عملوا عليه وبجد، معبراً عن اعتقاده أن الدراما الخليجية كان مساهماً هاماً في الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز فكرة الولاء والانتماء للوطن.
وأعرب السليطي عن تمنياته في أن يحقق المؤتمر أهدافة في دق جرس الإنذار، مشيراً إلى ضرورة انتقال مفهوم الهوية الوطنية من المؤتمرات والفنادق والقاعات إلى نبض الشارع الخليجي، لأن المواطن هو الجندي الأهم في معركة حماية الهوية وتعزيز الولاء الوطني، مشيراً إلى أن المواطنين في دول الخليج لديهم انتماء وولاء فطري لأوطانهم وأرضهم، ويستطيعون أيضاً محاربة كل محاولة اختراق هويتهم.
وأكد السليطي أن الفنان الخليجي كان دائماً ملتصقاً بأرضه وهويته وعروبته، متمنياً أن يتم فتح المجال لهم دون قيود للتعبير عن هذا الولاء والانتماء، والذي سيتحول إلى أعمال تصل إلى كل مواطن يعيش على أرض الخليج. في حين أكد مدير عام مؤسسة وطني الإمارات ضرار بالهول، على أهمية توقيت عقد المنتدى، مشيراً إلى التجربة الإماراتية في هذا المجال والتي كانت المبادرة إلى حماية الهوية الوطنية وتحصين الشباب ضد ما يمكن أن يهددهم هويتهم ويشوه أفكارهم.
وأشار إلى أن التجربة الإماراتية بدأت منذ عام 2005 وبعدد من المبادرات، والتي كان آخرها «يوم العلم»، حيث شارك 22700 طفل و150 جنسية في أداء النشيد الوطني للإمارات وبمشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد. وأضاف أن ذلك كان رسالة الإمارات للعالم بأنه بلد منفتح ومتسامح، حيث خلقنا جواً مثالياً للتعايش السلمي ميز الإمارات عن غيرها من الدول، حيث ارتكز عملنا على مفهوم المواطنة الصالحة والتعايش السلمي، سواء للمواطن أو المقيم.
وعن كيفية قياس نسبة النجاح في هذه المبادرات، أشار بالهول إلى أنه وفي غضون السنتين الأخيرتين لم يتم اكتشاف انتماء أي مواطن إماراتي إلى منظمات الفكر المتطرف المنتشرة حول العالم، وهو مؤشر مهم للغاية يجعلنا ندرك أننا نسير على الطريق الصحيح، مضيفاً أن البرامج والمبادرات امتدت أيضاً لتشمل الطلبة الإماراتيين المبتعثين في الخارج، والذين يحملون هويتنا الوطنية إلى العالم.
وأكد مدير عام مؤسسة وطني الإمارات، رغبة في نقل تجربة الإمارات إلى البحرين، حيث سيتم عقد اجتماعات بين المسؤولين من الجانبين، معبراً عن أمله في أن يكون ذلك انطلاقة لعمل خليجي مشترك لتعزيز الهوية والانتماء الوطني.