لم يشهد الربع الثالث من عام 2016 أي نشاط في الاكتتاب العام الأولي في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي مما يعكس أكبر تدني في سوق الاكتتاب العام الأولي منذ الربع الثالث في عام 2015. وعلى الرغم من أن النشاط في عام 2016 كان منخفضاً جداً بشكل عام، فإن مستويات نشاط الاكتتابات في الربع الثالث من عام 2016 تعد أفضل برهان على حالات عدم اليقين التي شهدتها المنطقة. فمع استمرار انخفاض أسعار النفط بشكل ملحوظ، لا تزال الحكومات الإقليمية تعاني من الآثار الاقتصادية نتيجة لذلك والأمر الذي أدى إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة هذه الآثار. ومع ذلك، وعلى المدى القصير، لا تزال تشكل السيولة مشكلة بالنسبة للاقتصادات الإقليمية في المنطقة، وهذا ما أثر على نشاط سوق الأسهم.
ولم يكن هناك اكتتابات عامة أولية في الربع الثالث من العام 2016 مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2015. ويشهد الربع الثالث في المنطقة العطلة الصيفية وشهر رمضان المبارك وعيد الفطر الأمر الذي يعكس عادة تباطؤاً في نشاط الاكتتاب العام الأولي. ومن حيث الأداء بالمقارنة مع الفترة السابقة، تم إدخال مصدرين إلى السوق في الربع الثاني من العام 2016 «وهما شركة اليمامة للصناعات الحديدية وشركة لازوردي للمجوهرات» في السوق المالية السعودية «تداول» بإجمالي عائدات 274 مليون دولار أمريكي.
وواصلت المملكة العربية السعودية الهيمنة على سوق الاكتتاب العام الأولي في المنطقة مع إدراج كافة الاكتتابات خلال عام 2016 في تداول بنسبة 100? من سوق الاكتتاب العام الأولي.
وقال رئيس قسم الاستشارات المالية وأسواق رأس المال في بي دبليو سي الشرق الأوسط، ستيف دريك: «تؤدي سياسات خفض التكاليف والإجراءات التقشفية المدفوعة بانخفاض أسعار النفط لفترة طويلة إلى زيادة التقلبات وحالات عدم اليقين في الأسواق. وفي حين العديد من الشركات قد أعربت عن اهتمامها في الاكتتاب العام، فهي لا تزال تنتظر تحسّن معنويات المستثمرين وعودة السيولة إلى السوق. ونتيجة لذلك، فإننا نتوقع أن نرى استمرار هذا التوجه في الربع الرابع من عام 2016».
ومع انخفاض التقلبات واتخاذ الإجراءات اللازمة، باتت الظروف مناسبة لتمويل أسهم رؤوس الأموال. وارتفع نشاط الاكتتاب العام الأولي في الربع الثالث من عام 2016 مقارنة مع الربع الثاني من عام 2016 والربع الثالث من عام 2015. وبلغ حجم الأموال التي تحققت عن طريق الاكتتابات العامة الأولية 35.8 مليار دولار أمريكي من خلال 230 صفقة، مقارنة مع 24.4 مليار دولار أمريكي من خلال 178 صفقة خلال الربع الثالث من عام 2015 و69.6 مليار دولار أمريكي من خلال 248 صفقة في الربع الثالث من عام 2014. وهذا يؤدي إلى زيادة بنسبة 47? في العائدات مقارنة بالعام السابق.
ومع ذلك يوجد اختلافات كبيرة بين المناطق؛ في حين كانت أسواق الاكتتاب العام الأولي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ نشيطة جداً خلال الربع الثالث، عانت منطقة الأمريكيتين ومناطق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا من حالات عدم اليقين حول الوضع السياسي. وبلغت نسبة منطقة آسيا والمحيط الهادئ 74? «170» من إجمالي عدد الاكتتابات و68? «24.2 مليار دولار أمريكي» من إجمالي مبلغ العائدات في الربع الثالث من عام 2016. وجاء تصنيف منطقة الأمريكيتين في المركز الثاني من حيث عدد الاكتتابات «بواقع 43 اكتتاباً» بعائدات بلغت «8.2 مليار دولار أمريكي». وبلغت العائدات التي حققتها الشركات في مناطق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا فقط 4.7 مليار دولار أمريكي من خلال 18 اكتتاباً.
ولايزال القطاع المالي أكثر القطاعات نشاطاً من حيث عائدات الاكتتاب محققاً 36.9 مليار دولار أمريكي منذ بداية السنة حتى الآن. وهذا يعني أن نسبة 40? من العائدات العالمية قد تحققت من قبل الشركات في هذا القطاع. وعلى الرغم من ذلك، ومن حيث عدد المعاملات، فقد حاز القطاع الصناعي على المركز الأول من خلال تحقيق 146 اكتتاباً مقارنة مع 124 اكتتاباً للقطاع المالي.
وواصلت مبيعات السندات والصكوك رواجها في سوق دول مجلس التعاون الخليجي خلال الربع الثالث من عام 2016 بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط الخام مما أدى إلى نقص في العائدات والحاجة لتغطية الديون. وفي حال عدم ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ، فمن المرجح كذلك أن يكون هناك حاجة لتمويل مماثل في الربع الرابع من عام 2016. وواصل سوق السندات السيادية نشاطه ليلحق بالربع الثاني الذي شهد إصدارات كبيرة من السندات السيادية. أصدرت مملكة البحرين سندات تنمية بقيمة 300 مليون دينار بحريني «حوالي 790 مليون دولار أمريكي» ذات فترة استحقاق تبلغ 3 سنوات. ومن المتوقع طرح المزيد من السندات في بداية الربع القادم من سلطنة عمان.
وفي سوق سندات الشركات، أصدرت شركة برقان سينيور إس بي سي ليمتد سندات بقيمة 500 مليون دولار أمريكي لمدة خمس سنوات تحمل معدل فائدة بنسبة 3.125?. وعلاوة على ذلك أصدرت ماف العالمية للأوراق المالية المحدودة سندات بقيمة 300 مليون دولار أمريكي تستحق في عام 2024 وتحمل معدل فائدة بنسبة 4.75?. وضمن بنك برقان ش.م.ك كلا الإصدارين، الذي تأسس في دولة الكويت، ومجموعة الفطيم التي تأسّست في إمارة دبي على التوالي.
وأصدرت شركة إعمار صكوك المحدودة بنجاح صكوكا بقيمة 750 مليون دولار أمريكي لمدة 10 سنوات مضمونة من قبل شركة إعمار العقارية. وعلاوة على ذلك، أصدر بنك قطر الإسلامي صكوكاً بقيمة 2 مليار ريال قطري لمدة 3 سنوات «حوالي 550 مليون دولار أمريكي» من أجل تعزيز نسب كفاية رأس المال ودعم نمو الأعمال التجارية. وفي المملكة العربية السعودية، أصدر بنك البلاد صكوكاً بقيمة 2 مليار ريال سعودي لمدة 10 سنوات «حوالي 533 مليون دولار أمريكي» مع احتفاظ البنك بحق المطالبة بالصكوك في نهاية العام الخامس.
وعلى صعيد السندات السيادية، كان مصرف البحرين المركزي من المصدرين الفاعلين في المنطقة بإصدار صكوك السلام، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 177.85 مليون دينار بحريني «حوالي 469 مليون دولار أمريكي» وإصدار صكوك الإجارة بإجمالي 104 مليون دينار بحريني «حوالي 274 مليون دولار أمريكي». تحمل صكوك السلام فترة استحقاق لمدة 91 يوماً مقارنة مع 182 يوماً لصكوك الإجارة. وقال ستيف دريك، رئيس قسم الاستشارات المالية وأسواق رأس المال في بي دبليو سي الشرق الأوسط:
وواصلت أسواق السندات والصكوك نشاطها في الربع الثالث من عام 2016 على الرغم من انخفاض قيمة المعاملات مقارنة بعدد من الإصدارات البارزة في الربع الثاني من الحكومات الإقليمية. ومن المتوقع أن تواصل الأسواق نشاطها في الربع الأخير من العام إلا أن ارتفاع الطلب على التمويل بسبب أسعار النفط المتدنية قد يؤثر على الأسعار».