خلق الله الإنسان وكرمه، وسخر له الحيوانات لتخدمه في قضاء حوائجه، فيستفيد من لحومها وألبانها ويرتدي الملابس من صوفها وجلودها ويتخذ من بعضها الزينة والطيب ويستأنس البعض الآخر.
كثر مؤخراً الحديث عن الكلاب الضالة بمنتهى القسوة والوحشية وكثرت المطالبات بإعدامها والتخلص منها، وفوجئت بخبر اصطياد 50 كلباً «لم تحصل منهم مقاومة ولا هجوم على من اصطادها» وتم إعدام 90% منها!!! أوليست أرواحاً خلقها الله تعالى وأمرنا أن نرحمها؟! ألم يقل رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: «الراحمون يرحمهم الرحمن»؟!
أستغرب كثيراً فوبيا الكلاب الضالة التي انتشرت كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فأصبح الشغل الشاغل للبعض تصوير الكلاب الضالة وهي تهاجم قطط الشوارع ليأتي البعض الآخر بتعليقات غريبة عجيبة، فمنهم من يخاف أن تفترس الكلاب الضالة أبناءه ومنهم من يدعي بأنه أصبح يخشى الخروج من منزله بسببها وكأنها وحوش كاسرة أو مخلوقات فضائية لم نعهد وجودها في الشوارع من قبل.
غريب أمر بعض الناس حيث يعتقدون أن الحياة حق أصيل لهم دون غيرهم من المخلوقات!!!
عذراً أحبتي في الله، فهذه الكلاب الضالة في الغالب مسالمة وتخشى الاقتراب من البشر، وأتحدث هنا من واقع تجربة حيث إنني أقوم مع بعض المتطوعين بإطعام هذه الكلاب ولم نتعرض لأي هجوم أو سلوك عدواني من قبلها.
علماً بأن الكلاب الضالة ألطف من بعض «الذئاب البشرية» المتربصة بحرمات منازلكم وفلذات أكبادكم وتتسكع بين منازلكم حتى مطلع الفجر.
وقد كشفت وزارة الأشغال والتخطيط العمراني مؤخراً عن مراحل خطتها للقضاء على هذه «الظاهرة» والتي تضمنت مرحلين، أولهما أن يتم صطياد الكلاب الضالة «الشرسة» و«المسعورة» !!! والتي تشكل خطراً على المقيمين في مختلف المناطق السكنية والتخلص منها وإعدامها عن طريق إبرة «القتل الرحيم» والتي تستخدم في قتل الحيوانات الميؤوس من علاجها والتي تتعرض للكثير من الألم.
ولكن هل تعلم عزيزي صاحب المقترح أن مملكة البحرين خالية تماماً من مرض السعار؟! أم إنك لم تكلف نفسك عناء تحري الدقة والمصداقية فيما تدعي؟ أو فضلت إطلاق شبح السعار لإثارة الرأي العام لمساندة قضيتك؟
والسؤال الأهم، هل تعلم بأن الكلاب المملوكة هي التي تشكل خطراً على الناس وليست الكلاب الضالة؟!
فالكلاب الضالة إجمالاً هزيلة و«في حالها» تتجول بحثاً عن قوت يومها، بينما الكلاب المملوكة ذات السلالات الضخمة والشرسة والتي يتم تدريبها على الحراسة والقتال «التحريش» هي التي تقوم بالاعتداء على الناس، ولكم في الحادثة التي وقعت في مدينة الحد مؤخراً والذي تعرض فيها طفل لعضة كلب ضخم مملوك وكان معه صاحبه أكبر مثال.
وبعيداً عن القصص المرعبة المتواردة والتي تزداد يوماً بعد يوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فلنتحدث عن سبل إيجاد حلول إنسانية تظهر تحضرنا في مواجهة هذه الظاهرة أسوةً بالدول الأخرى؛ فلو قمنا بوضع الفائض من موائدنا اليومية في الطرقات لسد رمق هذه الكلاب لابتعدت عنا، وأجمل مثال لما تم عمله في تركيا على سبيل المثال، حيث وضعت صناديق مخصصة لإطعام القطط والكلاب المشردة.
ويجب التوجه جدياً لعملية إخصاء الكلاب الضالة، فالمتعارف عليه علمياً أن الكلب المخصي يكون هادئاً، وخاملاً ومسالماً جداً.
وفي الختام نستذكر الحديث الشريف، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن امرأة بغياً رأت كلباً في يوم حارٍ يطيف ببئرٍ قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها، فغفر لها) رواه مسلم.
بشاير حمد حمود