عواصم - (وكالات): رغم تحذيرات دائرة الأرصاد الإسرائيلية من تعرض البلاد لموجة حرائق بسبب الأحوال الجوية العاصفة، وإعلان سلطة الإطفاء والإنقاذ قبل أسبوع عن حالة طوارئ واستنفار للطواقم، فإن العقلية الإسرائيلية اختارت أن تؤجج نيران العنصرية بإشعال تحريض على الفلسطينيين.
ووظف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرائق للتحريض على فلسطينيي 48 بهدف تصدير أزماته الداخلية عقب شبهات الفساد المتورط بها في صفقة الغواصات مع ألمانيا.
وفي مواجهة العواصف وسرعة الرياح، أصبحت إسرائيل عاجزة عن إخماد النيران والسيطرة على الحرائق المشتعلة بمناطق مختلفة لليوم الرابع، في وقت تبادرت للأذهان ما واجهته تل أبيب في ديسمبر 2010 في حريق الكرمل، الذي تسبب في وفاة 44 شخصاً.
وفي حينه، وُجهت أيضاً الاتهامات للشعب الفلسطيني وزج بالدافع القومي وراء الحريق الذي أتى على عشرات آلاف الدونمات من الغابات، قبل أن تتكشف الحقائق لاحقاً حين اتضح أن الحريق نجم عن إهمال فتى ألقى جمرة في الأحراش المتاخمة لمنزله.
المشاهد ذاتها تتكرر في حرائق هذه الأيام، لتكشف عن عمق إخفاق الجبهة الداخلية في مواجهة الكوارث الطبيعية وتقاعس السلطات المسؤولة عن تطبيق التوصيات الصادرة عن لجان التحقيق في حرائق الكرمل. وعلى خطى نتنياهو، وقبل بدء أي تحقيقات حيال الحرائق، سارع وزير الأمن الإسرائيلي جلعاد أردان لاستباق أي مساءلة حول إخفاق وزارته في توجيه أصابع الاتهام لفلسطينيي 48 وللعمال الفلسطينيين في إسرائيل، زاعما أن «نصف الحرائق بالبلاد اشتعلت على خلفية قومية وبشكل متعمد وبفعل فاعل»، دون أن يقدم أدلة على ذلك. وغالباً ما يتم تفنيد هذه الادعاءات التي تطلق بدوافع عنصرية بغرض التغطية على الفشل والإخفاق وتحييد الأنظار عن قضايا جوهرية تواجه إسرائيل، علماً أن عشرات البلدات العربية بالداخل الفلسطيني حاصرتها الحرائق والنيران، ومئات العائلات أخليت من منازلها. وانضمت الأجهزة الأمنية لنتنياهو، ونجحت في توجيه الإعلام الإسرائيلي الذي انضم إلى جموع المحرضين، وذلك من خلال عناوين وصفت ما يحدث بـ«انتفاضة الحرائق» و«الشاباك يحقق بإرهاب الحرائق»، لينساق الإعلام لتصريحات نتنياهو الذي اعتبر الحرائق «عملاً إرهابياً» وتوعد بإنزال أقصى العقوبات بحق من يدان بها وإسقاط الجنسية الإسرائيلية عنه.
ولم يقتصر الأمر على التحريض العنصري، بل إن حاخام مدينة صفد شموئيل إلياهو أصدر فتوى تجيز قتل العرب على خلفية الحرائق، معتمداً على وصف نتنياهو للحرائق بالإرهاب وتقديرات ضابط في جهاز الأمن العام «الشاباك» أن الحرائق سلاح للإبادة الجماعية، حيث أجاز الحاخام تدنيس قدسية السبت -بحسب معتقدات الديانة اليهودية- من أجل إخماد الحرائق وقتل مشعليها، في الإشارة منه للفلسطينيين.
ورغم التحريض، اختارت صحيفة «هآرتس» المساءلة وأن تفتح ملف إخفاق حكومة نتنياهو في توفير الحماية لنحو مئتي بلدة محاطة بالغابات وعدم استخلاص العبر من حريق الكرمل الذي كشف تداعي الجبهة الداخلية أمام الكوارث الطبيعية، في الوقت الذي امتنع فيه الوزير أردان عن المصادقة على خطة لإقامة مناطق عازلة لمنع الحرائق وتطبيق تحصين نظام الإطفاء والإنقاذ بالبلاد. ولم يسلم نتنياهو من الانتقاد من قبل الإسرائيليين الذين رسموا صوراً كاريكاتيرية له يحمل إحدى الغواصات التي اشتراها من ألمانيا ويرفعها لإطفاء الحرائق. وبدأت طائرات إطفاء أجنبية عملها لمساعدة إسرائيل في إخماد الحرائق التي اندلعت في أماكن مختلفة من البلاد وأدت إلى إجلاء عشرات الآلاف من السكان، ورفع وتيرة الشكوك والتوتر بين يهود إسرائيل والمجتمع العربي فيها.
وتواجه إسرائيل منذ 4 أيام سلسلة حرائق، ساعد على انتشارها الجفاف وعدم سقوط الأمطار وسرعة الرياح. وتعمل الطائرات التي وصلت إلى إسرائيل على رش المياه وبودرة خاصة لإخماد الحرائق.
وتشتبه السلطات الإسرائيلية بأن الكثير من الحرائق التي اندلعت مؤخراً تأتي بسبب دوافع جنائية أو قومية.
وأكدت الشرطة أنها «شكلت طاقماً خاصاً للتحقيق بشبهات إضرام النارعمداً في شتى إنحاء البلاد التي أدت إلى موجة الحرائق». وأضافت أنها «تحقق مع 12 شخصاً بشبهات تتراوح ما بين إضرام النيران والحرائق والتحريض على إضرام النيران». لكن هذه الحرائق غذت وأحيت شكوكاً بين بعض السكان اليهود الإسرائيليين من جهة والمجتمع العربي داخل الأراضي المحتلة من جهة ثانية، خصوصاً بعد تداول اتهامات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وندد نواب عرب في البرلمان الإسرائيلي بالاتهامات الموجهة إلى العرب، مؤكدين أن السكان العرب في إسرائيل تأثروا كغيرهم بسبب الحرائق.