القاهرة - (أ ف ب، رويترز): مع خسارته أراضي في سوريا والعراق، يصارع تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي للاحتفاظ بموطئ قدم في شبه جزيرة سيناء المصرية في مواجهة الجيش المصري القوي.
وتخوض مصر حرباً شرسة مع مجموعة ولاية سيناء، الفرع المصري لتنظيم الدولة «داعش» الذي يتخذ من شمال سيناء معقلاً له، قُتل فيها مئات من عناصر الشرطة والجنود في هجمات للتنظيم المتطرف.
كما استهدف متطرفون أجانب وأعلنوا مسؤوليتهم عن تفجير طائرة ركاب روسية كانت تنقل سياحاً من منتجع في سيناء في عام 2015 ما أسفر عن مقتل جميع ركابها الـ 224. وفشل التنظيم في السيطرة على مناطق سكنية، حيث انتهت محاولته للسيطرة عام 2015 على مدينة الشيخ زويد في سيناء، بقيام الجيش باستخدام طائرات اف 16 لقصف مواقع التنظيم.
لذلك لجأ التنظيم إلى حرب استنزاف مستمرة تشمل تفجيرات واستخدام القناصة وهجمات على الحواجز الأمنية، كان آخرها أمس الأول ما أدى إلى مقتل 12 جندياً في هجوم بسيارة مفخخة استهدف حاجزاً أمنياً في المنطقة.
وتم تطويق المتطرفين في المنطقة مع قيام الجيش بهدم أجزاء من مدينة رفح المصرية على الحدود مع قطاع غزة الفلسطيني بهدف إقامة منطقة عازلة وتدمير شبكة الأنفاق الفلسطينية تحت الحدود، والتي تقول القاهرة إنها تستخدم لتهريب الأسلحة والمقاتلين إلى سيناء. ويقول الخبير في شؤون الجهاديين جانتزن غارنيت إن «أكبر نجاح للجيش هو تمكنه من احتواء التمرد إلى حد كبير في شمال سيناء». وتخوض الجماعات المتطرفة حرب عصابات ضد السلطات المصرية منذ عزل الرئيس السابق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي في يوليو 2013.
ويبدو أن تحقيق انتصار حاسم ونهائي على المتطرفين بعد مرور 3 سنوات على التمرد لايزال يحتاج إلى وقت.
وأضاف غارنيت «أحرز الجيش المصري بعض التقدم على المدى القصير ضد «ولاية سيناء» العام الماضي ولكن التنظيم المتطرف يواصل التكيف ولا يجب تفسير هذا التقدم كأنه نجاح على المدى الطويل».
ويعتبر المحلل مختار عواد أن «الجيش عزز تواجده في سيناء عقب محاولة السيطرة في الأول من يوليو 2015 على الشيخ زويد». ويؤكد عواد وهو باحث في جامعة جورج واشنطن في شؤون التطرف أن المتطرفين قاموا بدلاً من ذلك «بالتخفيف من هذا النوع من العمليات والتركيز على ارتكاب هجمات إرهابية، والتركيز على زرع عبوات ناسفة والمزيد من هجمات القناصة». وضاعف التنظيم أيضاً من عمليات اغتيال ضباط الجيش واختطاف وإعدام المخبرين المشتبه بهم، وتم في حالتين إطلاق النار عليهم بشكل علني في مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء.
وتؤكد الحكومة مقتل مئات من أفراد الشرطة والجنود في هجمات المتطرفين الذين يستهدفون في بعض الأحيان القاهرة ودلتا النيل. وأورد الإعلام المصري أنه خلال نوفمبر الحالي وحده أقيمت جنازات لـ 10 جنود وضباط مصريين، غير الضباط الثمانية الذين قتلوا أمس الأول. ولا يمكن معرفة الخسائر البشرية في صفوف المتطرفين بينما يؤكد الجيش أنه قتل المئات منهم.
ويبقى التسلسل الهرمي للتنظيم المتطرف غامضاً أيضاً. وفي 4 أغسطس الماضي، أعلن الجيش المصري مقتل زعيم تنظيم الدولة «داعش» في سيناء في هجوم جوي قضى على 44 آخرين في شمال سيناء. وتمت الإشارة إلى هذا الزعيم باسم أبو دعاء الأنصاري. ويستخدم مصطلح «الأنصاري» في سيناء للدلالة على أن الشخص من بدو سيناء.
وكشف متطرف معتقل خلال التحقيقات أن هوية قائد التنظيم في منطقة سيناء الذي يسمى بـ «الوالي» غير معروفة ويقوم بتمرير تعليماته للإرهابيين عبر وسيط. وللتنظيم قائد عسكري مسؤول عن الشؤون العسكرية وقائد مسؤول عن الشؤون الأمنية وآخر مسؤول عن صنع المتفجرات وقائد مسؤول عن الإعلام.
ويعتبر المدعو شادي المنيعي مسؤول الإعلام في التنظيم، وهو من البدو في سيناء بحسب تقرير للادعاء حول التحقيقات، بينما تستخدم ألقاباً للجهاديين الآخرين. والمنيعي قائد معروف في جماعة أنصار بيت المقدس قبل مبايعة «داعش» لاحقاً في نوفمبر 2014، في العام الذي أعلن فيه التنظيم عن دولة «الخلافة» في العراق وسوريا. وانبثقت جماعة أنصار بيت المقدس عن جماعة مجلس شورى المجاهدين التي شنت سلسلة هجمات على إسرائيل في السنوات المضطربة التي أعقبت الإطاحة بنظام الرئيس المصري حسني مبارك في فبراير 2011. وكان مجلس شورى المجاهدين يضم جهاديين من قطاع غزة الفلسطيني وبدو من سيناء، وشن سلسلة تفجيرات استهدفت منتجعات سياحية في الفترة بين 2004 و 2006.
في سياق متصل، قالت مصادر أمنية إن عدد قتلى هجوم شنه مسلحون في محافظة شمال سيناء على نقطة تفتيش عسكرية ارتفع أمس إلى 12 جندياً، فيما أصيب 12 آخرون، ولايزال البحث عن جندي آخر. واستهدف الهجوم كمين الغاز وهو نقطة تفتيش عسكرية تقع غرب مدينة العريش عاصمة شمال سيناء.