تعتبر إجراءات البحث والتحري التي يقـوم بهـا رجـال الشرطة من أهم الإجراءات الجنائية مـن حيـث متابعة الظواهر السلبية التي تنتشر في المجتمع ومنـع الجريمة قبل وقوعها أو ضبطها واكتـشاف مرتكبهـا بعـد وقوعها، الأمر الذي يعد عاملاً مهماً وفعالاً في كشف غموض الجرائم المقيدة ضـد مجهول، وتثبت الوقائع الإجرامية وما يتمخض عنها من آثار وأدلة مادية تكون الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها السلطة القضائية في تكوين فكرة عن الجريمة، تعول عليها في إصدار قراراتها وأحكامها.
وبالنظر لنص المادة 43 من قانون الإجراءات الجنائية البحريني والتي تنص على أنه (يقوم مأمورو الضبط القضائي بتقصي الجرائم والبحث عن مرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والتصرف في الدعوى).
ومن خلال نص المادة سالفة الذكر فإنه يمكن تعريف التحريات على أنها مجموعة الإجراءات والأعمال التي يقوم بها أفراد الشرطة باعتبارهم جهازاً إدارياً مختصاً بموجب القانون على منع ارتكاب الجريمة والبحث والتحري عن جميع الجرائم المعلومة والمجهولة والتي وقعت بالفعل من خلال جمع الأدلة والقرائن والشهود والبراهين وأدوات الجريمة وكل ما يتعلق بالجريمة التي تؤدي إلى ضبط الجناة وتحديد شخصية مرتكبيها وإحالتهم إلى الجهات القضائية.
ويترتب على التحريات آثار تتعلـق بالحقوق والحريات والإثبات، إن جدية التحريات التي تستند على الدلائل الكافيـة تكون معياراً للقبض على الأشخاص، فمجرد البلاغ دون القيام بإجراء التحريات والتثبـت مـن الحقيقـة لا يسوغ القبض وتقييد حرية الأشخاص، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة (55) من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على أنه (لمأمور الضبط القضائي في الجنايات والجنح المتلبس بها التي تزيد مدة الحبس فيها على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه. وإذا لم يكن المتهم حاضراً جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره ويثبت ذلك في المحضر، وينفذ الأمر بواسطة أحد أفراد السلطة العامة).
في حين نصت المادة (56) من ذات القانون على أنه (في غير الأحوال المبينة في المادة السابقة إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية، أو جنحة سرقة أو نصب أو اعتداء جسيم أو حيازة أو إحراز مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً جاز لمأمور الضبط القضائي القبض عليه).
وبالنسبة لإجراءات التفتيش فإنه يجب لصحتها أن يصدر بناء على قرائن أو إمارات قوية تفيد في كشف الحقيقـة مما يستوجب أن تقدر جدية التحريات قبل إصـدار إذن التفتـيش حيث نصت المادة (67) من قانون الإجراءات ( لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يفتش منزل المتهم ويضبط فيه الأشياء والأوراق التي تفيد في كشف الحقيقة إذا اتضح له من أمارات قوية أنها موجودة فيه).
ويمكن اعتبار التحريات كافية وجدية إذا كان أساسها ما أبلغ به الضابط شفاهة من مصدره الموثوق، ما دامت السلطة القضائية رأت في ذلك من الجدية ومبلغ الدلالة مـا يبرر اقتناعها وتصرفها على هذا الأساس، ولتكون التحريات سليمة ومنتجة لآثارها من حيث الجديـة واستخلاص الأدلة يجب أن تمارس ضمن حدود الواجب وإطار الاختصاص.