أصبحت السياحة كما قال المرحوم صالح شهاب الكويتي الذي عشق البحرين «مصانع بلا دخان» مضرب الأمثال، وفعلاً، أضحت هذه الصناعة من أهم الصناعات المهمة في جميع أنحاء العالم، إذ تشعبت رغبات السفر ليس للتجارة وإبرام الصفقات التجارية على المستوى الفردي فقط، بل على المستوى الجماعي والشركات الكبرى التي تستورد بملايين الدولارات، ما ثقل منها وخف من السلع تنقلها سفن كبيرة.
وفي السابق، أيضاً نشطت السياحة العلاجية والاستجمام بين البحرين خاصة ودول الخليج عامة من جانب، وبين الهند وإيران والعراق وشرق أفريقيا من جانب آخر، ومن الناحية الدينية؛ كانت مكة المكرمة والمدينة المنورة ولازالتا –للحج والعمرة-، وزيارة مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم-بالمملكة العربية السعودية، وزيارة المسجد الأقصى بفلسطين، ومن زار هذا المسجد من البحرينيين قليل خاصة قبل نكبة فلسطين عام 1948، ومن بعد هذا العام، وبقاء الضفة الغربية والقدس الشرقية تحت حكم المملكة الأردنية الهاشمية، كثر عدد من زار المسجد الأقصى من البحرينيين، أذكر من جيلي السيد محمد يوسف المطوع، وبرفقته المرحوم أحمد صالح دويسان قبل عام 1967.
أيضاً كانت مصر محط أنظار البحرينيين خاصة بعد ثورة يوليو 1952، للسياحة والدراسة الدينية والعلوم الحديثة بالأزهر الشريف والجامعة المصرية، أما العراق وإيران، فحدث ولاحرج، لوجود أضرحة الأئمة الكرام ومن آل بيت النبوة والرسالة عليهم السلام في تلكما البلدين، أيضاً للسياحة والعلاج.
إذن، السياحة والتجارة والاستجمام والعلاج وغيرها من المقاصد، تحتاج إلى بنى تحتية متكاملة، أهمها الأمن والاستقرار وشعب مضياف، والفنادق وتوابعها، وقد انتبهت مملكتنا إلى ذلك، فعملت على توفير جميع المتطلبات التي يهدف إليها الزائر سواءً للسياحة والتجارة والاستثمار والترفيه خاصة أن لدينا كماً هائلاً من الآثار التاريخية، والعنصر المهم المطلوب، الأخلاق الفاضلة التي يشتهر بها البحرينيون. وبما اننا مقبلون على فصل التخييم، وأراضي التخييم ضاقت، وأعداد المخيمين زادت، وفي كل عام في ازدياد-، وبما أن المملكتين –البحرين والسعودية- تربطهما علاقات دينية وعربية وأسرية وإنسانية، أضف أنهما يمثلان اقليماً واحداً، ويربطهما جسر الملك فهد، لماذا لا يتفق البلدان على صيغة معينة واضحة المعالم، وقوانين ميسرة على تخييم البحرينيين- في فترة التخييم شتاءً فقط- في المنطقة الشرقية وما جاورها من أراض تصلح لهذا الغرض، وبهذا تنشط السياحة الشتوية بين أهالي المملكتين وتقوى العلاقات الحميمة بيننا، ويسهل على أهل البحرين أداء العمرة في تلك الفترة، وزيارة أماكن السياحة في كل من الإحساء والدمام والخبر والقطيف وسيهات، وغيرها من الأماكن والمدن التاريخية والأثرية في جميع أرجاء السعودية، خاصة أن دول مجلس التعاون مقبلة على عصر الاتحاد إن شاء الله تعالى وعصر القطارات التي ستسهل التواصل بين بلداننا وشعبنا الواحد بأقل تكلفة وجهد ووقت.
يوسف محمد بوزيد