باريس - (أ ف ب): في مواجهة اليمين الفرنسي الذي اختار المحافظ فرنسوا فيون مرشحاً للانتخابات الرئاسية عام 2017، يبدو اليسار مشتتاً في الحرب المفتوحة بين الرئيس فرنسوا هولاند ورئيس وزرائه. وحذر المتحدث باسم الحزب الاشتراكي اوليفييه فور «نحن قريبون (...) مما يمكننا أن نطلق عليه اسم انتحار جماعي». ومع تدني شعبية الرئيس فرنسوا هولاند والخلافات الأيديولوجية العميقة -حول الاقتصاد وأوروبا والعلمانية- يبدو اليسار الفرنسي على مشارف الانهيار.
ولا يبدو هولاند المرشح الطبيعي لليسار، ما اضطر الحزب الاشتراكي للإعلان عن انتخابات تمهيدية مطلع 2017.
وأعلن جان لوك ميلانشون اليساري المتطرف الذي ترشح للانتخابات الرئاسية في 2012، ترشحه لانتخابات 2017، بينما أعلن وزير الاقتصاد اليساري السابق ايمانويل ماكرون «38 عاماً» الذي قدم حركته باعتبارها «لا يمين ولا يسار» عزمه خوض الانتخابات، وتشير استطلاعات الرأي إلى حصول كل منهما على أكثر من 10% من الأصوات. ونادراً ما كان المشهد السياسي في فرنسا مفككاً إلى هذا الحد.
ويتوقع أن يعلن فرنسوا هولاند إن كان يريد الترشح لولاية ثانية قريباً. ولكنه قد يصطدم بطموح رئيس الوزراء مانويل فالس. وعزز فالس الضغوط على هولاند بإعلانه أنه لا يستبعد ترشحه لانتخابات اليسار التمهيدية. وسيلتقي الرجلان لوضع الأمور في نصابها خلال الغداء الأسبوعي، بعد يوم من شائعات حول تقديم رئيس الوزراء استقالته الأمر الذي نفاه الإليزيه فوراً. ويبدو التحدي الأكبر أمام اليسار هو توحيد الصفوف لمخالفة توقعات استطلاعات الرأي التي أعلنت أن الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية ستكون بين مرشحي اليمين واليمين المتطرف الذي انعشه صعود التيارات الشعبوية في أوروبا والولايات المتحدة.
وحذر أوليفييه فور من أنه في حال استمرار زيادة الترشيحات في صفوف اليسار «لن يكون هناك أي يسار في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية، وسيتم إقصاء اليسار لفترة طويلة». وكتبت صحيفة «ليزيكو» الاقتصادية «لم يكن اليمين واليسار أبداً على هذه الدرجة من التناقض» مشيرة إلى أن «اليمين يتجه إلى تناوب السلطة (...) واليسار يسير في الاتجاه المعاكس تماماً وفي طريقه نحو التشتت». وفاز فيون رئيس الوزراء الفرنسي المحافظ في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، في الانتخابات التمهيدية على منافسه رئيس الوزراء السابق آلان جوبيه. وكان فيون أزاح «رئيسه» السابق نيكولا ساركوزي في الجولة الأولى الأحد الماضي.
وقال فيون في مقره العام إن فوزه «مبني على قناعات»، مضيفاً أن «فرنسا تريد الحقيقة، فرنسا تريد أفعالاً». وشكر الناخبين «الذين وجدوا في نهجه القيم الفرنسية التي يتمسكون بها، فاليسار هو الفشل، واليمين المتطرف هو الإفلاس» حسب قوله. وفيون يحمل برنامجاً مفرطاً في ليبراليته على الصعيد الاقتصادي ومحافظاً في قضايا المجتمع. ويرى خبراء أن على فيون الآن تخفيف بعض مقترحاته المثيرة للجدل من أجل توسيع قاعدته الانتخابية.
وفيما اليسار الحاكم مشتت، يتوقع أن يتنافس فيون «الذي حدد لنفسه هدفاً يتمثل بترسيخ «القيم الفرنسية»، مع مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في مايو المقبل. ورغم أن فوز الشعبوي الأمريكي دونالد ترامب حسن فرص مارين لوبن، إلا أن استطلاعات الرأي تظهر أنها ستخرج مهزومة في نهاية الانتخابات لاسيما إذا نجح فيون في استمالة ناخبي الوسط وحتى اليسار، وفق الخبراء.