رئيس التحرير
أكد المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الشرق الأوسط قتادة عبدالحميد زمان أن حوار المنامة محفل غير رسمي يحضره كبار المسؤولين الرسميين وأكثرهم فاعلية في التأثير على القرار الوطني والإقليمي والدولي، لافتاً إلى أن هذا المحفل يختصر المسافات والتكاليف والمراسم على جميع هذه الوفود وقادتها ويختزل مباحثات ثنائية ومتعددة الأطراف من الممكن أن تستغرق عدة زيارات متبادلة أو جولات مكوكية مضنية، كلها تقدم لهم في وجهة واحدة هي البحرين.
وقال إن منتدى خليج البحرين يفرد مجالاً لأبحاث السياسات التنموية التي تحصن المجتمعات ضد عوامل عدم الاستقرار من خلال تطويرها والنهوض بالكوادر المحلية وتأهيلها، ومناقشة سياسات العمل والاستثمار وحركة الأموال، والأمن الاقتصادي والمعلوماتي، بالإضافة إلى الحلول التي تحتاجها المنطقة بعد انتهاء الصراعات بالمناطق المأزومة والمنكوبة، فهي التي ستساعد الناس على مداواة جراحهم وبناء أوطانهم من جديد، والأهم من ذلك هو الحيلولة دون تكرار اندلاع مثل هذه الصراعات والحروب.
وأشار إلى أن المعهد احتضن عدداً من الباحثات البحرينيات في الشأنين السياسي والاقتصادي، وأكرر الباحثات لأن عددهن أكثر من الباحثين البحرينيين، لافتاً إلى «أننا نفخر برجاحة الكفة النسوية المحلية لدينا وكفاءتها البحثية وحرفيتها العالية».
وأفاد بأنه تتوازع مكاتب المعهد الأربعة مسؤولية البحث والدراسة للشؤون الإقليمية في أنحاء العالم، وكذا الحال خارج الشرق الأوسط في أوروبا وآسيا والأمريكتين، ولدينا خبراء في فرع الشرق الأوسط في البحرين هم على أعلى درجات الاختصاص في المحافل الدولية في الشأن الشرق أوسطي وخاصة سوريا واليمن ومصر، والإسلام السياسي وبالأخص الجماعات الإرهابية والشأن الإيراني.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
= بصفتك أول أبناء المنطقة تولياً لإدارة أحد المكاتب الإقليمية التابعة لمعهد دراسات دولي مثل الـ IISS، ما الذي وجدته لدى المعهد وترى معاهدنا بحاجة إليه؟
- العملية لها إرث يمتد من الثورة الصناعية، فالغرب طور دبلوماسيته بصورة تواكب تطور أسلحته من حيث التلويح والردع، لذا نرى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجيةIISS المتخصص في أبحاث الدبلوماسية الدفاعية قد تأسس في 1958، أي في أوج الحرب الباردة أما المنطقة فهي في مجملها تتعامل مع الأحداث بردود الأفعال حتى في الجوانب البحثية، بينما الاستقراء الواقعي هو المطلوب هنا نشهد دور المعهد في قراءة الإمكانيات المقارنة لدى معظم الجيوش، ويصدر بشأنها تقرير سنوي بعنوان «التوازن العسكري» لاستعراض الإمكانيات القتالية والدفاعية وعوامل الردع، ويليه تقرير «المسح الاستراتيجي» لتحليل الصراعات والاضطرابات السياسية، ويكتمل الجهد البحثي الكبير بـ»قاعدة بيانات النزاعات المسلحة»، وهي قاعدة بيانات دائمة التحديث وفق المعطيات والمجريات المسجلة في بؤر الصراع المختلفة حول العالم تصب الإحاطات والاجتماعات البحثية التي يجريها مسؤولو المعهد وخبراؤه مع قادة الدول والحكومات والجيوش والأجهزة الأمنية وكذلك قادة الصناعات والأعمال والإعلام وأجهزة الإغاثة في مخزون المعهد من المعلومات، بحيث تكون الأولوية لتحليلاته القيمة، والتي تصدر في مطبوعاته الرئيسة وتقاريره الدورية، تليها الاستشارات مدفوعة الثمن، ثم تقدم الخلاصة من خلال الأطر الإقليمية من خلال حوار شانغريلا في سنغافورة، والذي بالمناسبة تولدت عنه رابطة الدول الآسيوية «آسيان»، وحوار المنامة، الذي تنطلق نسخته الثانية عشرة في 9 الجاري.
= هل يتولى مكتب المعهد في البحرين دوراً بحثياً حول الخليج العربي والشرق الأوسط؟ أم دوره مجرد دور إداري مساعد؟
- تتوازع مكاتب المعهد الأربعة مسؤولية البحث والدراسة للشؤون الإقليمية في أنحاء العالم، وكذا الحال خارج الشرق الأوسط في أوروبا وآسيا والأمريكتين، ولدينا خبراء في فرع الشرق الأوسط في البحرين هم على أعلى درجات الاختصاص في المحافل الدولية في الشأن الشرق أوسطي – خاصة سوريا واليمن ومصر، والإسلام السياسي -وبالأخص الجماعات الإرهابية، والشأن الإيراني- ويتناول الحراك السياسي ومسارات السلطة الداخلية وانعكاساتها على السياسة الخارجية.
= هل لديكم خطة لإعداد كوادر بحثية بحرينية وخليجية للعمل البحثي في المعهد؟
- احتضن المعهد عدداً من الباحثات البحرينيات في الشأنين السياسي والاقتصادي، وأكرر الباحثات لأن عددهن أكثر من الباحثين البحرينيين، وأفخر برجاحة الكفة النسوية المحلية لدينا وكفاءتها البحثية وحرفيتها العالية، وقد احتفلت المملكة للتو بيوم المرأة البحرينية والتهنئة المتأخرة منا لهن جميعا، وبعض من كن لدينا ذهبن لنيل الدكتوراه والعودة كباحثات متفرغات، وأخريات وآخرون صدرناهم بكل فخر إلى جهات أخرى مرموقة جدا في القطاعين العام والخاص والبحث داخل وخارج الوطن يعطي المعهد الأولوية محلياً لمنسوبي برنامج بعثات صاحب السمو الملكي ولي العهد الداعم الثاني للمعهد بعد جلالة الملك المفدى، وبمباركة صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء لا يمر عام إلا وينضوي عدد من منسوبي البرنامج تحت شعار المعهد للعمل البحثي، حيث تصقل التجربة مداركهم ومهاراتهم بصورة متميزة تضيف إلى تفوقهم الأكاديمي والثقافي الشيء الكثير.
= يمر العالم بتحولات سريعة ومتغيرات معقدة إلى أي مدى تؤثر مثل هذه التحولات على الأنشطة البحثية ودقتها العلمية؟
- الأبحاث المطبوعة رهينة بتواريخها والأوضاع في تلك الأثناء، وأدق البيانات والمعلومات المؤكدة ساعة نشرها، أما الأبحاث المنشورة إلكترونياً ضمن قواعد بيانات دائمة التحديث، فهي معين لا ينضب لأعضائنا على اختلاف درجاتهم ومستوياتهم الخبراتية والتخصصية، وجزء من دقة المعلومات ومصداقيتها هو طبيعة المعهد أولاً، الذي تأسس كوقف بحثي يقبل التبرعات غير المشروطة ويرفض ما كان مشروطاً منها، وفي المقام الثاني، نجد سياسة صارمة لعدم التحيز مع أو ضد أي طرف من أطراف الصراعات والمصالح، ويبني تحليلاته على المدى الاستراتيجي الطويل كما يتبين من اسمه، ونجد محصلة الأحداث والمتغيرات التكتيكية قصيرة المدى للصراعات في قاعدة بيانات النزاعات المسلحة، والتي يتابعها خبراؤنا وأصحاب العضوية لدينا، ليتبادلوا الآراء حولها عند كل فرصة مواتية، فتأتي الأبحاث وأطروحات القمم مبنية على معطيات ومحصلات دورية وحولية.
= يقيم المعهد حوار المنامة للمرة الثانية عشرة فما تقييمكم له، وهل تعتقدون أنه حقق أهدافه؟
- حوار المنامة محفل غير رسمي يحضره كبار المسؤولين الرسميين وأكثرهم فاعلية في التأثير على القرار الوطني والإقليمي والدولي. يختصر هذا المحفل المسافات والتكاليف والمراسم على جميع هذه الوفود وقادتها، ويختزل مباحثات ثنائية ومتعددة الأطراف من الممكن أن تستغرق عدة زيارات متبادلة أو جولات مكوكية مضنية، كلها تقدم لهم في وجهة واحدة هي البحرين، وهي من مبادرات صاحب السمو الملكي ولي العهد، الذي تنبه مبكراً لأهمية حوار شانغريلا في آسيا، فوجه سموه الدعوة إلى المعهد لإقامة قمة مشابهة في الشرق الأوسط تحتضنها المملكة، ولا ننسى هنا فضل وزارة الخارجية ومنسوبيها، وعلى رأسهم الوزير الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، في تبني الإعداد والتنسيق المحلي لحوار المنامة هذه القمة دائماً ما تحقق أهدافها السنوية، فالأطراف تناقش أهم مواضيع الساعة، وتتشكل المواقف الجديدة والمتغيرة أثناء الجلسات العامة والخاصة والاجتماعات الجانبية واللقاءات الخاصة، ويشهد المحفل وضع أطر ومقترحات للسياسة العامة والمواقف الدبلوماسية ينقلها الموفدون كافة بعد القمة إلى كبار قادتهم للتشاور، ولمعرفة تبدل المواقف من استمرارها سواء بالسلب أو الإيجاب، ما على الباحث والمراقب سوى قراءة القرارات والأوامر الصادرة من أطراف التحالفات والصراعات بعد القمة خلال فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر، لتعرف مدى تأثيرها، وبالنسبة للمعهد فيتحقق الهدف الأهم لخبرائه، ألا وهو الخروج بمحصلة للاتجاهات والمواقف السياسية الراهنة ومسارات الصراعات القائمة تخدم استقراء المشاهد واستطلاع ما قد تؤول إليه، وينعكس ذلك في الدراسات والأبحاث الصادرة عن المعهد.
= صيغة حوار المنامة ظلت على نفس النمط منذ تأسيسه قبل 10 سنوات ألا تعتقدون أنه بحاجة لتطوير لصيغة مختلفة تتناسب وطبيعة المرحلة؟
- قالب فقرات الفعالية ثابت، تتخلله بين عام وآخر فعاليات جانبية خاصة تتناول عوامل وأدوار مؤثرة جداً في المسارين الإقليمي والدولي، مثل الاستماع إلى ممثلي قوى الثورة والمعارضة السورية ضمن جلسة خاصة في نسخة سابقة من الحوار، لكن الصيغة بشكل عام تحددها أحداث الساعة الملحة، والتي تتقاسم الوقت فينا بينها وتتوزع على خمس جلسات عامة وأربع جلسات خاصة متزامنة، وهذه الأحداث قائمة ومستمرة على مدى سنوات، لكن المنظورات التي يتم التركيز عليها تكون مستجدة، وتجدر الإشارة أن هذا الترتيب الزمني للفعالية يستوعب العدد الكبير من الاجتماعات الثنائية ومتعددة الأطراف التي تنعقد بكثافة بين جلسة وأخرى.
= أطلقتم مؤخراً منتدى يناقش القضايا الجيواقتصادية، ما هي تصوراتكم والهدف من المنتدى؟
- ضمن شراكتنا المستمرة مع مجلس التنمية الاقتصادية في البرنامج الجيواقتصادي والاستراتيجي، يفرد منتدى خليج البحرين مجالاً لأبحاث السياسات التنموية التي تحصن المجتمعات ضد عوامل عدم الاستقرار من خلال تطويرها والنهوض بالكوادر المحلية وتأهيلها، ومناقشة سياسات العمل والاستثمار وحركة الأموال، والأمن الاقتصادي والمعلوماتي، بالإضافة إلى الحلول التي تحتاجها المنطقة بعد انتهاء الصراعات بالمناطق المأزومة والمنكوبة، فهي التي ستساعد الناس على مداواة جراحهم وبناء أوطانهم من جديد، والأهم من ذلك هو الحيلولة دون تكرار اندلاع مثل هذه الصراعات والحروب.
= ما هي مشاريع المعهد المستقبلية في البحرين والخليج؟
- نسعى إلى تطوير العلاقات الوثيقة التي تربطنا بالقيادة وكافة مؤسسات الدولة والمؤسسات المماثلة في دول مجلس التعاون والنطاق الأوسع للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والعلاقات البينية مع الدول المؤثرة والصاعدة في الأقاليم المجاورة، ونسعى كذلك لزيادة عدد الأعضاء المستفيدين من خدمات المعهد، ورفع معدل التفاعل معهم لضمان الاستفادة المثلى والمتواصلة من الخدمات التي نقدمها، وبالطبع أولاً وأخيراً نشكر جميع الدول والحكومات والمؤسسات العامة والخاصة وشركائنا من الشخصيات القيادية والمؤثرة على دعمهم ومساندتهم لنا على طول الخط.