عواصم - (وكالات): قتل عشرات المدنيين بينهم نساء وأطفال بغارات روسية استهدفت مناطق عدة شمال غرب سوريا، تزامنا مع إحراز قوات الرئيس بشار الأسد تقدماً إضافياً في الأحياء الشرقية في مدينة حلب شمال البلاد، في حين قالت المعارضة السورية في حلب للولايات المتحدة إنها لن تنسحب من المنطقة المحاصرة بالمدينة بعد أن دعت موسكو لإجراء محادثات مع واشنطن بشأن انسحابهم في مؤشر على أنها ستواصل القتال حتى عقب إصابة أكبر قادتها.
في غضون ذلك، أصدرت السعودية والإمارات وقطر وتركيا، بياناً مشتركاً دعت فيه إلى عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سوريا، في وقت كثّفت فيه إيران إرسال المقاتلين والأسلحة المتطورة عن طريق الطائرات التجارية إلى قواتها العسكرية من ميليشيات الحرس الثوري والباسيج ووحدات خاصة من جيشها في سوريا، بالإضافة إلى إمداد نظام الأسد والميليشيات الشيعية التابعة لها في سوريا، وذلك بالرغم من تمديد العقوبات الأمريكية لعشر سنوات على النظام الإيراني بسبب دعمه الإرهاب في المنطقة، وإصدار قرار من الجمعية العامة في الأمم المتحدة يدين تدخل طهران في النزاع السوري.
وواصلت قوات النظام هجومها للسيطرة على كامل الأحياء الشرقية تزامنا مع شنها غارات كثيفة على مناطق الاشتباك والأحياء السكنية. وقال مصدر عسكري سوري إن الجيش يستهدف السيطرة الكاملة على حلب في غضون أسابيع بعد أن انتزع السيطرة على مساحات واسعة من شرق المدينة الخاضع لسيطرة المعارضة في تقدم وجه ضربة كبيرة للانتفاضة المسلحة على الأسد. وفي ضربة أخرى للمعارضة المسلحة قال مسؤولون بالمعارضة إن قائدا لتحالف جديد للمعارضين أصيب إصابات بالغة أمس الأول. وذكر انه سيتم تكليف شخصية أخرى بقيادة «جيش حلب» الذي تم تكليف أبو عبد الرحمن نور بقيادته الأسبوع الماضي.
ومع نزوح ما يربو على 50 ألف شخص من ديارهم بسبب المعارك التي جرت في الآونة الأخيرة بدأ السكان الذين فروا من شرق حلب إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة في بداية الحرب العودة إلى حي هنانو الذي فقدته المعارضة في الآونة الأخيرة لتفقد منازلهم.
ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم على مشروع قرار يطالب بهدنة مبدئية لمدة 7 أيام في حلب يمكن تجديدها بعد ذلك. لكن لم يتضح ما إذا كانت روسيا التي تتمتع بحق النقض ستستخدم الفيتو لمنع صدور القرار.
في السياق ذاته، أصدرت السعودية والإمارات وقطر وتركيا، بياناً مشتركاً دعت فيه إلى عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سوريا.
وأوضح البيان المشترك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة يجب أن تضطلع بمسؤولياتها المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين، لاسيما في وقت أصبح فيه مجلس الأمن غير قادر على فعل ذلك بسبب عدم وجود إجماع.
وذكر البيان أن الأسابيع الماضية، شهدت تصعيدا على شرق حلب، ما ينذر بعواقب وخيمةٍ بحق المدنيين.
وأشار البيان إلى تدهور الوضع الإنساني في حلب بعدما باتت المستشفيات غير قادرة على علاج أولئك الذين نجوا من الموت.
واستنكر أن يتم التعامل مع الأزمة السورية كما لو كان الأمر عادياً، موضحاً أن الظروف المروعة تؤكد أن الدعوة لعقد دورة استثنائية طارئة للجمعية العامة لها ما يبررها. وتعهد جيش الأسد المدعوم على الأرض بمسلحين يضمون جماعات شيعية من العراق وإيران ولبنان بسحق المعارضة المسلحة في حلب. وأشار المصدر العسكري السوري إلى أن الإطار الزمني للسيطرة على كامل حلب «أسابيع».
وأوضحت مصادر موالية لدمشق إن الجيش يستهدف استعادة السيطرة على حلب بالكامل مع تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لمنصبه في 20 يناير المقبل. والسبب هو تخفيف خطر تحول السياسة الأمريكية بشأن سوريا على الرغم من أن ترامب أشار إلى أنه قد ينهي الدعم الأمريكي للمعارضة المسلحة.
وقد كشف موقع «تقارير الحرب في العراق وسوريا» الناطق بالفارسية والذي يديره ناشطون إيرانيون معارضون لتدخل بلادهم العسكري في دول المنطقة، أن الحرس الثوري الإيراني أرسل خلال الفترة الأخيرة آلاف المقاتلين من الميليشيات العراقية عن طريق مطار عبادان جنوب الأحواز إلى سوريا. ويتم إرسال هؤلاء المرتزقة العراقيين من أعضاء فصائل تنتمي لميليشيات «الحشد الشعبي»، من أجل إطباق الحصار على حلب، حيث تنقلهم طائرات «ماهان» التابعة للخطوط الإيرانية، إلى دمشق ومنها يتوزعون على حلب ومختلف مناطق الصراع في سوريا.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية وضعت شركة طيران «ماهان» على قائمة العقوبات عام 2011 بسبب نقلها السلاح والمعدات العسكرية إلى «فيلق القدس» الإرهابي التابع للحرس الثوري مع بدء مشاركته في قمع ثورة الشعب السوري.
ونشر موقع «تقارير الحرب» مجموعة صور لمقاتلين عراقيين ومراحل انتقالهم من إيران إلى سوريا للقتال إلى جانب قوات الأسد، حيث ينتمي أغلبهم لما يسمى «كتائب الإمام علي» وهي إحدى فصائل ميليشيات الحشد الشعبي العراقية التي انضمت مؤخراً إلى القوات المسلحة العراقية تحت غطاء محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
إنسانياً، تقدر الأمم المتحدة أن المعارك الأخيرة أدت إلى نزوح نحو 50 ألف شخص غادر منهم 18 ألفا إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة بينما ذهب 8500 إلى حي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة الأكراد ويتنقل الآخرون في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة. وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا إن ما يزيد على 100 ألف شخص ربما مازالوا في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن العدد قد يصل إلى 200 ألف شخص. وانخفضت إمدادات الغذاء والوقود إلى درجة حرجة شرق حلب حيث تعرضت المستشفيات مراراً للقصف مما أخرجها من الخدمة. وجددت المعارضة السورية مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك لوقف الهجوم على شرق المدينة.
ودعت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة في المعارضة السورية في بيان «مجلس الأمن وكل الدول الصديقة والمجتمع الدولي عامة إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم والعمل الفوري لإيقاف القصف والمجازر التي تتعرض لها عدة مناطق في سوريا وحلب بشكل خاص».