كتب - أحمد الجناحي:
بالنسبة للكثيرين؛ يساهم الطقس الممطر في تغيير مشاعرهم للأفضل، ويدفعهم للعطاء والإبداع، وحيناً للأسوأ، حيث المزاج المتعكر الذي يرفض العمل!. الطبيبة حنان المالكي تؤكد أن تغير الفصول يؤثر بشكل كبير على نفسية الفرد، مشيرة إلى أنه من الملاحظ أن فترة الظهر يكون الإنسان في مزاج مختلف تماماً عن فترة المغرب أو العشاء من ناحية الطاقة والنشاط وهذا ما يثبت أن للطقس والوقت تأثيراً كبيراً على نفسيه الفرد، لافتة إلى أنه في الصباحية «وقت الدوام الرسمي» يكون الشخص معطاءً ومتجاوباً بطريقة إيجابية، ومخ الإنسان مبرمج على العمل وفي الليل على الراحة، لذا نلاحظ النشاط والتجاوب الإيجابي في العمل في الفترة الصباحية، على عكس الفترة المسائية التي يكون فيها الفرد في حالة أبطأ أو في مزاج لا يتقبل العمل بشكل كبير، «نحن لا نشمل الجميع ولكن نتحدث عن الأغلبية أو الفئة الكبرى من المجتمع».
ووفقاً للمعطيات السابقة تبين المالكي أن الأجواء الممطره تعبث الطمأنينة بشكل إيجابي في النفس، وتدفع بشكل تلقائي للعطاء نتيجة الراحة النفسية والشعور بالطمأنينة، لافتة إلى أن الناس تهوى الأشياء النادر وجودها وبالمثل تهوى الأجواء النادر حصولها، فمثلاً في الدول الغربية يستمتع الناس بالشمس الخفيفة، وفي الخليج أو البلدان التي يغيب عنها المطر فترات طويلة يستمتع الناس بالمطر وأجوائه الغائمة ويشعرون بالسعادة ويفضلون التنزه بالسيارة خصوصاً في فترة النهار حيث الرؤية واضحة، ويكتسبون بذلك طاقة إيجابية مما ينعكس على سلوكهم الشخصي سواء في العمل أو في المنزل أو بين الأصدقاء، فتجد الناس في جو المطر في سعادة.
لا فصل للإبداع
وتشير الماكي إلى أن الإبداع والابتكار لا فصل له ولا طقس معين، لكنها الأجواء التي تبعث الطمأنينة والراحة النفسية حيث تكون عاملا مساعد، «نستطيع أن نقول إن الطقس عامل مساعد، كيف؟! ممكن لون في السماء يعطي إيحاء فكرة أو صوت قطرة مطر تغيير تفكير خصوصاً الأجواء الباردة تفتح النفسية أكثر، كما نقول بالعامية في فصل الصيف «محد طايق روحه»، أي أنه لا مجال لعمل أي شيء لأن الطقس غير مساعد، ولو لاحظنا لوجدنا أن أكثر الناس يفضلون فصلي الخريف والشتاء».
من جانبها يبعث الطقس الممطر والغائم شعوراً بالراحة والطمأنينة في نفسية وصايـــف البوبشيت، «إن الأجواء المعتدلــــة والممطرة تجلب السعادة والراحة في نفسية الناس، فتتغير سلوكياتهم إيجاباً على حسب الطقس إذا كان الجو ممطراً يصبحون أكثر هدوءاً وأكثر رومانسية»، مشيرة إلى أن الناس يفضلون الخروج في الأجواء الممطرة للتنزه بالسيارة لمشاهدة المناظر الجميلة والتأمل الذي يخلق الساعدة والراحة ويوجه للإبداع والقيام بأمور تكسر الروتين اليومي وتبعد الملل عن حياة الناس.
وصايف تعشق منظر قطرات الماء على الأشجار وفي الشوارع وعادة ما تخرج للتنزه وتختار أن تحتسي القهوة في أحد المقاهي متأملة بالجمال الجو وروعته.
نفسية طيبة
كذلك يجد يونس المرباطي أن الأجواء الممطرة تؤثر على مزاج الموظفين بشكل إيجابي لكنه يعتبر الأمر طبيعياً بحكم طبيعة الإنسان المتقلبة حسب المؤثرات التي تحيط به من كل جانب، «إن الطقس فــــي حالة صفوه واعتداله ينعكس على نفسيات الناس فتجد الإنسان أكثر هدوءاً واسترخاء وبالنسبة للسلوك تجده يميل للخروج والانضمام للأنشطة الاجتماعية».
يونس يرى أن من حق البحريني الاستمتاع بالطقس الممطر والخروج للتنزه بالسيارة فيه وكأنه يرى المطر لأول المرة، مشيراً إلى أنه بالنسبة للبحرينيين ونظرا لندرة المطر أيام السنة، تجد الناس يحبون هطول الأمطار ويخرجون للشوارع وكأنهم يشاهدون المطر لأول مرة، مؤكداً أن تغير الطقس يساهم كثيراً في القيام بأمور جديدة إبداعية تكسر الروتين، «في الأجواء الباردة المعتدلة يتشجع الناس على ممارسة الرياضات التي لم يكونوا معتادين على ممارستها في الطقس التعس».
ولا يخفي يونس أن المطر يدفعه للتأمل، «خصوصاً وقد دعينا في ديننا للتأمل في الكون وظواهره والأمطار شيء يدعو للتأمل منذ تكونه كبخار ماء من البحر وإلى هطوله على شكل قطرات ليعود إلى الأرض»، مردفاً أن الطقس الممطر شاعري ورومانسي، «غالباً ما أجعل هذا الطقس للاسترخاء والبحث عن أفكار جديدة لأسلوب الحياة، أما في صغري فكان ذلك مختلفاً حيث كنت من عشاق اللعب تحت المطر».
طاقة متجددة
ويشعر سالم مسيفر من جانبه بسعادة كبيرة وطاقة متجددة وقوة اجتماعية جميلة في الأجواء الممطرة، «وكأن عقلي يعمل بكامل طاقته، وهذا ينعكس بروح إيجابية على أدائي في العمل وطاقتي وأهم ما يميز هذه الأجواء هو القدرة على تقديم المميز والجديد فهو طقس يساعد على الإبداع والابتكار».
ويرى سالم أنه من الطبيعي أن يؤثر الطقس على نفسية وسلوك الناس، «طبيعي أن الإنسان يتأثر ويتفاعل بما حوله حتى بأقل الأسباب وأحد أكبر أسباب تأثر النفسية الناس هو الطقس المحيط بهم، فتجد في أغلب الأحيان تأثير حرارة الجو على زيادة التعب والإعياء وتصل حتى إلى الشعور بالغضب تجاه أبسط وتوافه الأمور بعكس صفاء الأجواء ونقاءها حيث أنها تدعو إلى السكينة والطمأنينة والانشراح».
والناس كما يشاهد سالم يحبون التنزه في الشوارع تحت المطر لمشاهدة الأمور بشكل مختلف، حيث تتكرر الأشياء الغريبة كسقوط الأشجار وارتفاع منسوب المياه في الطرقات وتحطم لوحات الشوارع، «هذه أمور موسمية ليست متكررة طوال العام لذلك يحرص الناس على مشاهدتهـا وحضورها. كما إن هممهم تزيد لديهم وتعلو الحيوية ويحلو القيام ببعض الأنشطة التي تضيف إلى النفس السعادة والمتعة كالقيام بالتنزه وقراءة كتاب أو الاتصال والسؤال بأحد الأقارب والخروج في رحلات وأنشطة ترفيهية متنوعة وعديدة».
ويضيف سالم: أن سقوط المطر جمال وصفاء وارتواء وحكمة والجمال حين نزوله وأيضاً بعد نزوله، ومع بداية هبوب رياح الشتاء وزخات المطر نقف عدة وقفات للتأمل والتفكر في آيات الله وعجائب صنعه نتأمل نعمة المطر وقوة البرق وصوت الرعد، ويجب علينا أن نقف مع هذه النعمة وتدبرها حق التدبر وشكر الله لأجلها فسبحان الخالق، «ذكر بعض أهل العلم أنه عند نزول المطر يستحب الدعاء لأنه وقت إجابة، أما عندما كنا صغاراً في موسم الأمطار، كنا نجري تحت المطر المنهمــــر، ونفرح عندما يبللنا المطر».