أكد وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، أن نهج ديننا القويم هو النهج الذي يعزز مسيرة مملكتنا الغالية بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى.
وأضاف انه «من خلال هذا النهج وباتباع مقتضاه يتحقق المزيد من الإصلاح والتطوير، والتنمية في شتى مناحي الحياة، وها هي اليوم مملكة البحرين تواصل المسيرة الحضارية بعزم وحزم وحرص، متناغمة في تطلعاتها مع شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي».
وأضاف وزير العدل «أن النصرة الحقيقة للإسلام ولنبي الإسلام تكون بالتأكيد والممارسة الفعليتين لمضامين الرحمة والسماحة، والأخلاق الإنسانية في رسالته الخالدة، ولا تتحقق نصرته صلى الله عليه وآله وسلم إلا بنشر وسطية نهجه القويم الذي استوعب الناس جميعاً على اختلاف أصولهم وأعراقهم ومشاربهم ومذاهبهم، ودياناتهم، لقوله تعالى: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا».
جاء ذلك خلال احتفال المملكة بذكرى المولد النبوي الشريف، حيث أقيم الحفل بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي أمس الأول، تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وبتنظيم إدارة الشؤون الدينية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، بحضور عدد من أصحاب الفضيلة والمشايخ والقضاة، وعدد من السفراء ورجال السلك الدبلوماسي وجمع من المواطنين والمقيمين.
وقال الوزير: «نحتفي اليوم ونحتفل بذكرى ميلاد الإنسانية كلها، حيث وُلدت البشرية من جديد بميلاد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، الذي بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، وسلاماً للناس أجمعين، فكانت رسالته الإنسانية برحمتها وعدلها وتسامحها وعالميتها وسلامها وانفتاحها، نقطة تحول في تاريخ البشرية التي تخبطت في ظلمات الجاهلية والوثنية والفرقة قروناً طويلة، قال تعالى: «واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا، وكنتم على شفى حفرة من النار فأنقذكم منها».
وقال «من البشائر أن يتوافق انعقاد قمة قادة دولنا الخليجية على أرض مملكتنا الحبيبة مع النسائم العطرة لذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ويجتمع ذلك مع أفراحنا بذكرى اليوم الوطني لبلادنا الغالية حرسها الله، حيث تتجدد عزيمتنا للإسهام في تقدم ورخاء وتحضر وطننا».
وأضاف وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف: «وُلد المصطفى ووُلد معه الهدى والنور، مؤذناً بتحول البشرية تحولاً محورياً على صعيد القيم والفكر والسلوك والأخلاق، وأرست بعثته عليه الصلاة والسلام مبادئ الأُخوة والإنسانية المبنية على المساواة بين البشر جميعاً في الخير والتلاقي على البر، والتآلف والتعارف».
وقال «من وحي رسالته العالمية الخالدة، ومن أنوار سنته المباركة وأخلاقه السامية الراقية، نأخذ طريقاً نحو وحدتنا وتآلفنا، فنتفهم تعدد آرائنا ونتقبل تنوع مذاهبنا، ونلتقي جميعاً على الحب والمودة والأُخوة والتراحم، ونكون حصناً حصيناً لهويتنا وعروبتنا وإسلامنا، وأمن وأمان وسيادة أوطاننا وتماسك مجتمعاتنا»، داعياً المولى عزوجل أن يحفظ على بلادنا نعمة الأمن والأمان والرخاء والاستقرار والوحدة، وأن يوفق قادتنا وولاة أمورنا لما فيه خير وصلاح البلاد والعباد، وأن يعم بالخير جميع أوطان المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه.
في حين ألقى رئيس بالمحكمة الكبرى الشرعية «الدائرة السنية» الشيخ حمد الدوسري كلمةً، قال فيها: «يحق لنا أن نفخر برسولنا صلى الله عليه وآله وسلم الذي أزال الجهل ونشر العلمَ ورسَّخ الإيمانَ في نفوس الناس وقضى على الشركيّات والعصبيات والقوميات، وأنقذ أجيالاً من الجاهلية وبراثنها، وقاد البشرية نحو العزة والسؤدد، حتى أصبحت أمتُه خير أمة أخرجت للناس، ملَكَتْ أزمة القيادة، ونالت درجات الريادة، وضربت للعالم أروع الأمثلة في كل المجالات، هَزمَت الفُجار، وفتحت الأمصار وغرست منهج الله في النفوس ومكنَتْ له في الأرض فحري بمن يدعي صدق حبه لله جل جلاله المتفضل بالنعم ومن أعظمها نعمة الإسلام أن يحقق صدق الاتباع لسيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال تعالى في سورة آل عمران: «قُلْ إِنْ كُنتمْ تحبونَ اللَّهَ فَاتبِعونِي يحبِبكُمُ اللَّهُ وَيغفرْ لَكُمْ ذُُوبكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحيمٌ» (31)، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو السراج المنير، فواجب على الأمة حكاماً ومحكومين أن يستنيروا به في حياتهم و يستضيئوا بنوره في ظلمات الحياة الحالكة التي تحيط بهم.
وأضاف الدوسري «أننا وبكل فخر وعظيم شرف نتبع الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام الذي غيَّرَ مجرى التاريخ، وحقق العدلَ والرحمةَ في المجتمع الذي عانى الظلم والاستبداد والجَوْر وشتى الأمراض الخُلقية ردحاً من الزمان قبل بعثته، ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
وأشار إلى أنه حري بمن يدعي حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كل مقام وزمان أن يعرفه حق المعرفة، ويتمثل ذلك في معرفة منهج رسالته وحياته قولاً وعملاً وعقيدةً وسلوكاً، كي يكون منهجاً تنهض به الأمة من جديد، فمن لم يعرف رسوله صلى الله عليه وآله وسلم حق المعرفة فكيف يحبه؟ ومن أين يأتيه الشوق إليه؟ والاتباع له؟».
وقال الدوسري «حري بالعالم كله في كل زمان ومكان أن يتبع رسول الرحمة والسلام الحريص على كرامة الإنسانية حيث أمره الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم أن يُخبر الناس بلزوم اتباعه بقوله: «قُلْ يا أَيها الناسُ إِني رَسولُ اللَّهِ إِلَيكُمْ جميعا الَّذِي لَهُ ملْكُ السماوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هوَ يحيِي وَيميتُ فَآمنوا بِاللَّهِ وَرَسولهِ النبيِّ الْأُميِّ الَّذِي يؤْمنُ بِاللَّهِ وَكَلماتهِ وَاتبِعوهُ لَعلَّكُمْ تهتدُونَ».
الواعظ بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف سلمان الخباز قال: «إن الصيغة القرآنية لمواصفات الشخصية المؤمنة بنماذجها المختلفة أخذت طريقها للتجسيد العملي في العملية الرائدة التي قادها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم». وأكد أن شخصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثلت قمة التسلسل بالنسبة إلى درجات الشخصية الإسلامية التي توجد عادةً في دنيا الإسلام، فكان صلى الله عليه وآله وسلم عظيماً في فكره ووعيه، قمة في عبادته وتعلقه بربه الأعلى، رائداً في أساليب تعامله مع أسرته والناس جميعاً، مثالياً في حسم الموقف، والصدق في المواطن، ومواجهة المحن، فما من فضيلة إلا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سابق إليها وما من مكرمة إلا وهو متقلد لها.
واستطرد الخباز: «فقول الله تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم»، يعجز كل قلم وكل تصور وبيان عن تحديد عظمته، فهو شهادة من الله سبحانه وتعالى على عظمة أخلاق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسمو سجاياه وعلو شأنه في مضمار التعامل مع ربه ونفسه ومجتمعه، بناءً على أن الأخلاق مفهوم شامل لجميع مظاهر السلوك الإنساني وحركته في الواقع، وهي شهادة لا يبلغ مدى عظمتها أحد سوى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ هي صادرة من الله الكبير المتعال، فسجلها ضمير الوجود وثبتت في كيانه، وهي تتردد في الملأ الأعلى ما شاء الله عزوجل.
وأشار إلى أن شخصيته عليه أفضل الصلاة والسلام باينت جميع أبناء مجتمعه، وصار علماً في سمو أخلاقه وهديه، ومضرباً للأمثال في فضله وعلو شأنه وأسماه قومه - حتى أهل الجاهلية منهم: «الصادق الأمين» تمييزاً له عن سواه، وبعد أن اكتمل تكوين شخصية المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وفقاً لإرادة الله عزوجل، بعثه برسالته الخاتمة لينهض بأعظم عملية تغيرية في تاريخ هذا الكوكب، ولقد عمل صلى الله عليه وآله وسلم وسعه لإحداث تلك العملية التغيرية في حياة الإنسان، في الفكر والعمل ومرافق الحياة ومؤسساتها كافة، فكانت تجربته صلى الله عليه وآله وسلم أروع وأتقن تجربة عرفها تاريخ البشر على الإطلاق. واوضح الخباز: «إن كان القرآن الكريم قد احتل مركز الإشعاع الأول في الحياة الإسلامية، في إطار الفرد والمجتمع، فإن سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد احتلت المقام الثاني بعد الكتاب العزيز، إن لم نقل بأنها والقرآن يشكلان وجهان لعملة واحدة»، داعياً الله تعالى التوفيق والهداية للسير على نهج الرسول الأكرم والأخذ بمنهجه القويم.