أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء أن المنظومة الدفاعية المتطورة المشتركة ضامنٍ وحامٍ للمكتسبات المتحققة للمواطنين في دول الخليج العربي، فالأمن والاستقرار متطلبان هامان لمواصلة التنمية واستدامتها فالتحديات الأمنية أمام مجلس التعاون كبيرة ولذا يجب مواصلة تقوية أسس التعاون الدفاعي والأمني بصور متعددة منها إنشاء غطاء دفاعي ضد الصواريخ الباليستية، منوهاً بأن قيام مجلس التعاون في عام 1981 جاء في فترة كانت المنطقة تمر خلالها بعدة متغيرات.
جاء ذلك، لدى مشاركة سموه أمس في الجلسة الحوارية في مؤتمر «فكر 15» الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي بعنوان «التكامل العربيّ: مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة ودولة الإمارات العربيّة المتّحدة» المقام في أبوظبي تحت رعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، حيث تناول سموه الأولويات التي يرى سموه أهمية تركيز مجلس التعاون عليها في المرحلة المقبلة لمواصلة الانطلاق منها نحو مزيد من الإنجازات التي تصب في صالح نماء وازدهار دوله وشعوبها، مؤكداً أن نجاح مجلس التعاون يعتمد بشكل أساسي على تحفيز طاقات الشباب بالتعليم الحديث والتمكين لما يمتلكونه من قدرة على الإبداع والابتكار وتعزيز البيئة الخصبة لتطوير فرصهم في مختلف المجالات من خلال العمل على تعزيز هذا المفهوم بشكل مؤسساتي وفكري، سواءً في ريادة الأعمال أو الوظائف النوعية.
وشدد سموه على أن الإنجازات التي حققها مجلس التعاون لدول الخليج العربية مصدر اعتزاز وفخر، ولكن مع ذلك يتفق الجميع على أن الطموح أكبر ويجب تعزيز الروابط لبلوغ مستويات أكثر قوةً وتكاملاً من خلال العمل ككتلةٍ لها ثقلها الدولي.
وقال سموه إن حجم الطموح يتجسد في إدراك أهمية العمل بوتيرة متسارعة لتحقيق المنجزات التي يتطلع لها الجميع في المستقبل، خاصة في ظل المتغيرات الدولية.
وأشار سموه إلى أن ذلك ما جسدته الرؤية المستقبلية لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون للتكامل الاقتصادي من خلال وضع الأسس لمواصلة تنسيق الجهود وتطوير التشريعات والتنظيمات المحفزة للأعمال والإسراع في تنويع الاقتصاد وزيادة حجم الصادرات، وتوحيد السياسات المالية والاستثمارات المشتركة، مع التطلع إلى تفعيل اتحاد جمركي حقيقي بما يعزز فتح وتكامل أسواق المال.
وشدد سموه على أهمية ربط هذه التوجهات بخطوات عملية تضمن تحقيق الأهداف الموضوعة لها ، ومن هذه الخطوات مواصلة تطوير البنية التحتية الخليجية ورفدها بكل ما يؤهلها لمواكبة البنى التحتية ذات المعايير الحديثة لارتباطها الوثيق بزيادة الإنتاجية والنمو الاقتصادي واستدامته وتنوعه وتعزيز تأمين البيئة الممكنة للشباب، منوها بوجود التزام خليجي بتطوير البنية التحتية لدول المجلس والاستثمار فيها وخاصة المشاريع المشتركة التي تؤطر إلى مزيد من التكامل والترابط الاقتصادي والاجتماعي ومن أبرزها والتي نترقب تنفيذها هي مشروع سكة الحديد الخليجية، والربط المائي، والاستثمار في الطاقة المتجددة.
ولفت سموه كذلك إلى الإضافة التي يشكلها مشروع جسر الملك حمد الجسر الجديد بين البحرين والسعودية الذي سيقوم على أساس الشراكة مع القطاع الخاص، وقد بدأ في استقطاب اهتمام الشركات الخاصة إقليمياً ودولياً.
وأشار سموه إلى أبرز ما تم تحقيقه للمواطن الخليجي من تسهيلات وخدمات طوال مسيرة مجلس التعاون حيث أصبح تنقل المواطنين الخليجيين بين الدول الأعضاء أكثر سهولة بالبطاقة الشخصية، وترافقت سهولة الحركة مع سهولة ممارسة النشاطات التجارية لأي مواطن خليجي في كل دول المجلس حيث بلغ عدد السجلات التجارية للخليجيين في الدول الأعضاء حوالي 40 ألف سجل، وكذلك يمكنه تملك العقارات في دول المجلس كما أن الفرص الاستثمارية قد فُتحت أمام المواطن الخليجي في أي من الدول الأعضاء، كما أسهمت قرارات القمم في منح مئات الآلاف من مواطني دول المجلس إمكانية العلاج الطبي في أي دولة من الدول الأعضاء وذلك إلى جانب توحيد الشراء للأدوية الذي أدى إلى خفض الأسعار، وفي جانب مواصلة تطوير البنى التحتية، فقد حققت ميزة ربط شبكات الكهرباء الاستفادة للمواطنين الخليجيين في تعزيز قدرات شبكات الطاقة الكهربائية وتجنب الانقطاعات ويأتي الربط المائي في المرحلة القادمة على خطى ما تحقق في مجال الطاقة الكهربائية.
واعتبر سموه المنظومة الدفاعية المتطورة المشتركة كضامنٍ وحامٍ لهذه المكتسبات المتحققة للمواطنين في دول الخليج العربي، فالأمن والاستقرار متطلبان هامان لمواصلة التنمية واستدامتها. فالتحديات الأمنية أمام مجلس التعاون كبيرة ولذا يجب مواصلة تقوية أسس التعاون الدفاعي والأمني بصور متعددة منها إنشاء غطاء دفاعي ضد الصواريخ الباليستية، منوهاً بأن قيام مجلس التعاون في عام 1981 جاء في فترة كانت المنطقة تمر خلالها بعدة متغيرات.
وأكد سموه أن كل ذلك مؤشرٌ واضح بأن التنسيق والعمل الجماعي في العمل الدفاعي والأمني أصبح على مستوى عالٍ جداً ويمكن أن يتم تحقيق أفضل من ذلك في القادم، خاصة وإن دول المجلس نجحت في تجنب أسباب الاضطراب التي تشهدها عدد من دول المنطقة.
وتحدث سموه عن أهم ما حققته دول مجلس التعاون في مجال التعاون الاقتصادي والتجاري حيث أكد بأن دول مجلس التعاون سعت إلى تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بين الدول الأعضاء بما يكفل الازدهار المشترك وحققت عدداً من المنجزات في هذا المجال ضمن منظومة العمل الخليجي المشترك، مشيراً إلى أنه لو تم النظر إلى القمم التي عقدت والنتائج التي أسفرت عنها فإن دول مجلس التعاون لديها اليوم سوق خليجية مشتركة وتم توحيد وخفض رسوم الجمارك بما رفع مستويات التجارة البينية 115 مليار دولار في 2015 مقارنة بـ 15 مليار دولار في 2002.
وشدد سموه على أن كل ذلك يؤكد بأن دول المجلس تحوز مرتكزات بالجانب الاقتصادي تمتلك إمكانيات هائلة يمكن البناء عليها لتكون أكثر تأثيراً على المستوى الدولي ككتلة اقتصادية عالمية.
وفيما يتعلق باقتصاد البحرين، قال سموه إنه حتى خلال تحديات عام 2011 فقد تمكنت البحرين من مواصلة تحقيق النمو الاقتصادي الإيجابي آنذاك، مؤكدًا سموه أن البرامج والمبادرات التي تسير عليها المملكة بالتوازي مع رؤيتها الاقتصادية 2030 ستستمر في الاسهام في تحقيق التطلعات والأهداف المرجوة، فعلى سبيل المثال تم تحقيق زيادة في نسبة دخل الأسرة بلغ 47% منذ 2008، مشيراً إلى أن الرؤية تواصل خطاها بثقة وثبات للوصول إلى أفق أرحب من الإنجاز والمكتسبات.
واعتبر سموه أن كل ما تم استعراضه اليوم يؤكد بأن مجلس التعاون الخليجي نجح كمنظومة في مواجهة عدة تحديات ومتغيرات واستمر في تماسكه وترابطه، مشيراً إلى أن دول المجلس تسير في الاتجاه الصحيح للوصول إلى مرحلة الاتحاد المرتكزة على أسس ثابتة من خلال استكمال العمل المؤسسي المشترك والتشريعات اللازمة مع الاستفادة من تجارب التكتلات الدولية الأخرى بكل ما فيها؛ فالاتحاد يجب ألا يكون فقط عنواناً وإنما حقيقة على أرض الواقع في كل يوم وفي كل بقعة من دول المجلس وأن يتم بشكل تلقائي بعد استكمال المؤسسات والتشريعات والتنظيمات اللازمة.
وأكد سموه في هذا الجانب على أهمية إعلاء الإيمان بالمواطنة والعروبة كقيم جامعة بناءة ترتقي على أي تصنيفات دون ذلك في جميع أوطاننا العربية. وأضاف سموه بأنه يجب أن نعي لأهمية السمو بالدين عن أية محاولات لإساءة استغلاله سياسياً أو محاولة تحريف تعاليمه السمحة والداعية للوسطية بأيديولوجيات إرهابية متطرفة.
وتحدث سموه عن الدبلوماسية الخليجية والدور المهم الذي لعبته في كثير من المحافل الدولية والقرارات التي تصب في صالح دول مجلس التعاون والمنطقة، مشيراً أنه لكافة دول المجلس تأثير على الساحة الدولية ولكن أيضاً التحرك الدبلوماسي الجماعي المشترك حقق نجاحات وأثبت بأن العالم ينظر لدول التعاون ككتلة مؤثرة على الساحة الدولية، مستذكراً سموه الموقف الموحد لدول المجلس في قمة كامب ديفيد الذي طلبت الإدارة الامريكية عقده مع دول المجلس بعد الاتفاق حول الملف النووي الإيراني.
وفيما يتعلق بالعلاقات بين مجلس التعاون والقوى الدولية، تناول اللقاء القمة الخليجية البريطانية التي استضافتها المنامة وحضرتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في أول زيارة لها للمنطقة أشار سموه إلى ما أكدت عليه رئيسة الوزراء من التزام المملكة المتحدة بعلاقاتها مع حلفائها في المنطقة ومواصلة تطويرها على أسس أكثر تطوراً من الوضوح والتفاهم، إذ شددت على ارتباط أمن الخليج العربي بأمن بريطانيا والخليج مما يدلل على متانة العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين، ويضاف إلى واقع أن السوق الخليجي هو ثالث أكبر سوق لبريطانيا.
ونوه سموه بقوة العلاقات التاريخية بين البحرين والمملكة البريطانية التي تواصل النمو والتطور مع احتفاء البلدين بمرور أكثر من مائتي عام من الصداقة.
وفيما يتعلق بالعلاقات الخليجية الأمريكية مع انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد وتشكل إدارته الجديدة، أعرب سموه عن التطلع للبناء على العوامل المتحققة للجانبين الخليجي والأمريكي من مردود هذه العلاقات الاستراتيجية، مشيراً سموه إلى الحرص على التواصل الإيجابي بما يحقق المصالح المشتركة للجانبين، خاصة مع اختيار عدد من الكوادر في الفريق الرئاسي الجديد التي تعرف المنطقة.
وخلال الجلسة الحوارية تطرق صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء للبعد التاريخي لمجلس التعاون لدول الخليجية العربية الذي تؤكد مسيرته المباركة منذ أن كانت مجرد فكرة وحتى الوقت الحاضر حرص أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي على تحقيق كل ما من شأنه أن يدفع نحو تحقيق المنجزات على الأصعدة المختلفة.
وأشار سموه إلى أن الإعلان عن قيام مجلس التعاون في قمة أبوظبي 1981 جاء كنتيجة حتمية لما يجمع كافة دول المجلس من عوامل مشتركة كوحدة اللغة والدين والروابط الأسرية، إلى جانب البعد الجغرافي والاقتصادي والمصير المشترك.