عواصم - (وكالات): أعلن مسؤول في حركة نور الدين الزنكي، أبرز الفصائل السورية المعارضة في مدينة حلب شمال سوريا التوصل إلى اتفاق هدنة وإجلاء المدنيين والمقاتلين من شرق حلب برعاية روسية تركية، على أن يدخل حيز التنفيذ خلال ساعات، فيما أعربت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن إدانتها الشديدة لاستمرار القصف الوحشي للمدينة، وما ينتج عنه من قتل للمدنيين الأبرياء، وتدمير تام لهذه المدينة التاريخية العريقة، قبل أن يفر الآلاف من جبهات القتال في المدينة أمس مع تقدم جيش الرئيس بشار الأسد في الجيب الأخير الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة، بينما أعلن متحدث باسم جيش النظام أن جيب المعارضة قد يسقط «في أي لحظة».
وصرح الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني أن دول المجلس تدين بشدة ما تتعرض له مدينة حلب التاريخية العريقة وسكانها المدنيون الأبرياء من قتل وحصار وتجويع وتهجير باعتباره انتهاكاً لكافة الحقوق الإنسانية التي كفلتها القوانين الدولية. وأكد الأمين العام أن دول مجلس التعاون تدعو الأمم المتحدة إلى العمل على سرعة إغاثة الشعب السوري ورفع الظلم عنه، ووقف جرائم الحرب التي ترتكب ضد أبناء مدينة حلب المحاصرة، مشدداً على أن الصمت الدولي تجاه المأساة المؤلمة في مدينة حلب هو عار على المجتمع.
من ناحية أخرى، قال ياسر اليوسف عضو المكتب السياسي في الحركة «تم التوصل إلى اتفاق لإجلاء أهالي حلب المدنيين والجرحى والمسلحين بسلاحهم الخفيف من الأحياء المحاصرة شرق حلب».
وفي وقت لاحق، أكد القيادي في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة أحمد رمضان للصحافيين عبر الإنترنت إتمام الاتفاق. وقال «هناك اتفاق حول ذلك، ونترقب تطبيق التفاهم بشأن خروج المدنيين أولاً».
وينص الاتفاق على أن «المغادرين سيختارون وجهتهم بين ريف حلب الغربي أو باتجاه محافظة إدلب».
ويأتي الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق مع اقتراب قوات النظام السوري من السيطرة على معظم الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين.
وقال مصدر بالحكومة التركية إنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حلب ويمكن للمدنيين والمقاتلين مغادرة المدينة بحافلات إلى إدلب حتى ليل اليوم. بدوره، أعلن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية لإجلاء المقاتلين المعارضين من الأحياء الشرقية لحلب.
وطالبت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامنثا باور بنشر «مراقبين دوليين حياديين» في حلب للإشراف على إجلاء المدنيين بـ»أمان تام».
وأدت هزيمة قوات المعارضة في أكثر من نصف الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها في حلب إلى نزوح جماعي للمدنيين والمقاتلين في ظل طقس قاس. ووصفت الأمم المتحدة هذه الأزمة بأنها «انهيار تام للإنسانية». وأعربت الأمم المتحدة عن خشيتها من تقارير وصفتها بالموثوقة تتهم قوات النظام السوري بالقتل الفوري لعشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، في حلب مع اقتراب المعركة من نهايتها لصالح الجيش.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن لديه تقارير عن انتهاكات منها قيام قوات حكومة الأسد ومقاتلين عراقيين متحالفين معها بقتل 82 مدنياً في الأحياء التي سيطروا عليها في حلب.
وذكر المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل أن «التقارير التي لدينا تتحدث عن إطلاق النار على أشخاص في الشارع وهم يحاولون الفرار وإطلاق النار على أشخاص في منازلهم».
وستترك الهزيمة في حلب قوات المعارضة بلا وجود كبير في أي من المدن الرئيسة في سوريا. إلا أنها لاتزال تسيطر على أغلب المناطق الريفية غرب حلب وفي محافظة إدلب شمال غرب البلاد.
ولتنظيم الدولة «داعش» المتشدد وجود كبير في سوريا وأحرز تقدماً في الأيام القليلة الماضية باستيلائه على مدينة تدمر. وأعلنت متحدثة باسم رئاسة الوزراء البريطانية أن لندن تريد تنحي الأسد عن السلطة بعد أن تعامل بـ»قسوة وحشية» مع الشعب السوري، مكررة بذلك الموقف الذي اتخذته الحكومة البريطانية منذ فترة طويلة. وندد رئيس الوزراء الفرنسي الجديد برنار كازنوف «بفظاعات لا تحصى وبالمجازر» التي يرتكبها النظام السوري بحق المدنيين في حلب ويمكن أن تشكل بحسب قوله «جرائم حرب أو حتى جرائم ضد الإنسانية». في سياق متصل، ذكرت مسودة بيان مشترك لزعماء الاتحاد الأوروبي الثمانية والعشرين أن الاتحاد لن يساهم مالياً في إعادة بناء سوريا بعد الحرب إذا لم تترك موسكو ودمشق مكاناً في المستقبل للمعارضة السورية.