عواصم - (وكالات): وصلت الدفعة الأولى من مقاتلين ومدنيين تم إجلاؤهم من شرق حلب أمس إلى مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في ريف المدينة الغربي، ما يمهد لبسط سيطرة جيش الرئيس بشار الأسد على حلب بعد أكثر من 4 سنوات من المعارك الدامية. وبارك الأسد للسوريين بـ»تحرير» مدينة حلب، معتبراً أن ما يحصل «بحد ذاته تاريخ يرسم الآن أكبر من كلمة مبروك». وفي نيويورك، طلبت فرنسا عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في حلب.
وقال دبلوماسيون إن الاجتماع التشاوري المغلق سيتناول إجلاء آلاف المدنيين والمساعدات الإنسانية التي يفترض توفيرها لهم.
من جانبه، أكد وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون أن بلاده لا ترى «مستقبلاً للرئيس الأسد» في سوريا.
وأضاف «حتى وإن انتصر على المعارضة في حلب، ليس هناك انتصار في قصف مستشفيات أو تقييد وصول المساعدة الإنسانية».
وتواجه الفصائل المعارضة التي طمحت ذات يوم إلى الإطاحة بنظام الأسد، احتمال الهزيمة الكاملة في سوريا بعد خسارتها حلب، المدينة التي شهدت شوارعها تظاهرات ضخمة في عام 2011 ضد النظام قبل أن تتحول إلى جبهة قسمت العاصمة الاقتصادية لسوريا سابقاً، إلى جزأين، واحد تحت سيطرة النظام في الغرب وآخر تحت سيطرة المعارضة في الشرق.
وخرجت الدفعة الأولى من شرق حلب في 30 سيارة إسعاف وحافلة وصلت بعد أكثر من ساعة إلى ريف حلب الغربي الواقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
وقال مصدر عسكري «غادر في الدفعة الأولى 951 شخصاً بينهم اكثر من 200 مسلح و108 جرحى بينهم أيضاً مسلحون». وقال الأسد في شريط مصور قصير نشرته صفحة رئاسة الجمهورية السورية على موقع «فيسبوك»، «أريد أن أؤكد أن ما يحصل اليوم هو كتابة التاريخ، يكتبه كل مواطن سوري».
وأضاف «الشعب الحلبي بصموده، الشعب السوري بشجاعته وتضحيته وكل مواطن سوري وقف مع حلب ووقف مع بلده ووقف مع وطنه ووقف مع الحق. هذا بحد ذاته تاريخ يرسم الآن أكبر من كلمة مبروك».
في خان العسل في ريف حلب الغربي حيث جرى استقبال قافلة الخارجين، شاهد مراسل لوكالة فرانس برس جرحى إصابتهم حديثة وخطيرة، ما دفع الكثيرين ممن كانوا في استقبالهم إلى البكاء.
وتأتي العملية في إطار اتفاق تم التوصل إليه برعاية تركية روسية لإجلاء مقاتلي المعارضة ومدنيين من آخر المناطق التي تسيطر عليها الفصائل شرق حلب، إثر هجوم واسع لقوات النظام السوري ضد الأحياء الشرقية استمر شهراً. وأفاد التلفزيون السوري الرسمي بأن «4 آلاف مسلح مع عائلاتهم سيتم إخراجهم من الأحياء الشرقية». وستتيح مغادرة الفصائل المعارضة لمدينة حلب للجيش السوري بسط سيطرته بالكامل على المدينة في انتصار يعد الأكبر له منذ بدء النزاع في سوريا قبل حوالي 6 سنوات.
وكانت كل من دمشق وموسكو أعلنت عن التوصل إلى اتفاق جديد لإجلاء المقاتلين والمدنيين من شرق حلب، بعد فشل تنفيذ اتفاق أول.
وقال مصدر قريب من السلطات في دمشق إن الاتفاق ينص أيضاً على أن يتم إجلاء جرحى ومرضى من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من فصائل المعارضة في محافظة إدلب.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن محافظ حماة محمد الحزوري قوله إنه تم «إرسال 29 حافلة وسيارات إسعاف وفرق طبية إلى بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين في ريف إدلب لإخراج الحالات الإنسانية وعدد من العائلات».
وأوضح مصدر ميداني سوري أنه سيتم «إجلاء 1200 جريح ومريض وذويهم» من الفوعة وكفريا.
وعانى السكان في آخر جيب انحصر فيه وجود مقاتلو المعارضة في حلب خلال الفترة الأخيرة ظروفاً مأساوية، وازداد الوضع سوءا بعدما وجدوا أنفسهم محاصرين بالنيران، إثر تجدد المعارك بعد تعليق العمل باتفاق الإجلاء الأول. وتكدس آلاف المدنيين في حي المشهد وأجزاء من الأحياء الأخرى المحيطة به، بعضهم لا مأوى له. ويعانون الخوف والجوع والبرد. وأثار الوضع مخاوف المجتمع الدولي، خصوصاً بعد إبداء الأمم المتحدة خشيتها من تقارير وصفتها بالموثوقة تتهم قوات النظام بقتل عشرات المدنيين بشكل اعتباطي، بينهم نساء وأطفال، شرق حلب.