عواصم - (وكالات): اكتملت في الساعات الأخيرة من مساء أمس عملية تهجير سكان شرق حلب شمال سوريا بإشراف الأمم المتحدة، حيث تواصلت أمس عمليات إجلاء الدفعات الأخيرة من آخر جيب تسيطر عليه الفصائل المعارضة في المدينة بعد ساعات على خروج 4 آلاف مقاتل على الأقل من المدينة التي أعلن جيش الرئيس بشار الأسد استعادتها بالكامل بدعم روسيا وإيران والميليشيات المسلحة المصنف بعضها إرهابياً.
واعتبر الأسد أن «تحرير حلب» يعد «انتصاراً» ليس فقط لسوريا بل لإيران وروسيا أيضاً. وقد أعلنت الأخيرة القضاء على 35 ألف مقاتل ضد النظام منذ بدء تدخلها الجوي في سوريا قبل أكثر من عام، مؤكدة أنها كسرت ثورات المنطقة. وخرجت عشر حافلات بيضاء اللون تتقدمها سيارة تابعة للصليب الأحمر الدولي من شرق حلب لتصل بعد وقت قصير إلى منطقة الراشدين، نقطة استقبال المغادرين، التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة غرب المدينة. وأفادت مصادر في الراشدين بأن غالبية المغادرين الذين وصلوا سواءً في السيارات الخاصة أو الحافلات هم من المقاتلين، مشيراً إلى أن حافلتين تقلان مدنيين من الفوعة وكفريا غادرتا المنطقة باتجاه حلب ولا تزال اثنتان تنتظران الضوء الأخضر. وينص اتفاق الإجلاء في أول مرحلتين منه على خروج كل المحاصرين من شرق حلب مقابل خروج المئات من بلدتي الفوعة وكفريا. وبحسب صدقي، تم حتى الآن إخراج «ألف شخص» من الفوعة وكفريا، ولا يزال المئات ينتظرون إجلاءهم.
وأعلن ينس لاركي المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة نشر مراقبين للإشراف على المراحل الأخيرة لعملية الإجلاء تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر في الـ19 من الشهر الحالي. وقال لاركي إن «31 مراقباً دولياً ومحلياً موجودون عند مدخل الراموسة».
ومنذ بدء عملية الإجلاء التي تم التوصل إليها بموجب اتفاق روسي تركي إيراني، بشكل متقطع، أحصت اللجنة الدولية للصليب الأحمر خروج «نحو 34 ألف شخص» من شرق حلب. واستؤنفت عملية إجلاء السكان المحاصرين من شرق حلب، بعد تأخير بسبب العاصفة الثلجية ولأسباب لوجستية وخلافات حول آلية إخراج المدنيين بالتوازي مع الفوعة وكفريا. ولفت المتحدث باسم حركة أحرار الشام أحمد قرة علي بدوره إلى «صعوبة تحديد موعد انتهاء العملية لأن الثلوج تغطي الطرقات». ولم تتوافر أي إحصاءات من أي جهة رسمية حول عدد الذين ما زالوا محاصرين وينتظرون إجلاءهم. وعند انتهاء عمليات الإجلاء، يفترض أن يعلن جيش الأسد استعادة مدينة حلب بالكامل، محققاً بذلك أكبر نصر منذ بدء النزاع في البلاد في عام 2011 والذي خلف أكثر من 310 آلاف قتيل. وتمكن الجيش إثر هجوم بدأه منتصف الشهر الماضي من السيطرة على معظم الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة مسلحي المعارضة منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين. وتشكل استعادة حلب تحولاً جذرياً في مسار الحرب في سوريا وتعد الانتصار الأبرز لدمشق وحلفائها الذين قدموا لها منذ بدء النزاع دعماً سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً وأبرزهم روسيا وإيران.
وقال الأسد خلال استقباله مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين جابر أنصاري «أن تحرير حلب من الإرهاب ليس انتصاراً لسوريا فقط بل لكل من يسهم فعلياً فى محاربة الإرهاب وخاصة لإيران وروسيا». ولفت إلى أنه «في الوقت ذاته انتكاسة لكل الدول المعادية للشعب السوري والتي استخدمت الإرهاب كوسيلة لتحقيق مصالحها».
وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أنه «منذ بدء عملياته شن الطيران الروسي 17 ألفاً و800 غارة جوية أصابت 71 ألف مرة البنى التحتية للإرهابيين وقضى بذلك على 725 مخيم تدريب و405 مصانع ومشاغل لصنع متفجرات و1500 من التجهيزات العسكرية و35 ألف مقاتل بينهم 204 قياديين»، مضيفاً أن تدخل موسكو «منع انهيار الدولة السورية»، وأن «سلسلة الثورات التي انتشرت في أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا انكسرت». وعلى جبهة أخرى في سوريا، قتل 47 مدنياً، بينهم 14 طفلاً و9 نساء، في قصف جوي على مدينة الباب، معقل تنظيم الدولة «داعش» في محافظة حلب، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.