عرض بديع قرحاني
زمن الرئيس فلاديميير بوتين «روسيا الأوراسية» عنوان كتاب الدكتور وسيم قلعجية الخبير في الشؤون الروسية، وقد قدم لهذا الكتاب وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الذي اعتبر أن كتاب الدكتور قلعجية يشكل مدخلاً إلى فهم المسائل والقضايا الرئيسة على جدول الأعمال الدولي اليوم. في ظل اتخاذ خطوات غير مسبوقة تسعى إلى تشويه سمعة السياسة الروسية وتشويه الصورة الموضوعية لبلدنا حسب ما جاء في مقدمة وزير الخارجية لافروف الذي وصف الدكتور وسيم قلعجية بالصديق الموهوب لمشاركته الفاعلة في أعمال مجموعة الرؤية الاستراتيجية «روسيا والعالم الإسلامي».
ويتضمن الكتاب ثمانية فصول من ثلاثمائة وأربعة وثمانين صفحة، قد يكون أبرزها ما جاء في الفصل الثاني حول عودة روسيا إلى ساحة الصراع الدولي إضافة إلى الفصل الثامن والذي يتكلم حول أبعاد التدخل العسكري الروسي في سوريا، المسارات السياسية والتحولات المرتقبة في الشرق الأوسط، وقد بدأ الكاتب هذا الفصل بقول للرئيس فلاديمير بوتين «إن روسيا الاتحادية لا ترى فرقاً بين الجماعات السنية والشيعية، ونحن لا نريد التورط في حرب دينية في الصراع السوري».
ويعيد التدخل العسكري الروسي في سوريا، موسكو وبقوة إلى منطقة الشرق الأوسط لتصبح روسيا الاتحادية مرة أخرى وبعد أربعين عاماً من الغياب القسري، لاعباً أساسياً لا يمكن تجاوزه في معادلة الشرق الأوسط ولتكسر الهيمنة الأمريكية المطلقة على مصائر ومقدرات الشعوب العربية.
ويعتبر الكتاب أن روسيا الاتحادية اليوم تحظى بما يشبه التفويض الدولي لقيادة عملية التسوية السياسية في سوريا، من دون أن يعني ذلك التفاهم المسبق على شروط هذه التسوية وماهيتها. ويضاف إلى هذا أن روسيا الاتحادية أصبحت الدولة الوحيدة التي تملك القدرة على التواصل مع جميع الأطراف السورية والإقليمية والدولية، وتمتلك علاقات متميزة مع الخصوم الإقليميين الأساسيين: الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، وكذلك مع تركيا ومختلف أطراف المعارضة السورية، وهي الوحيدة التي تملك امكانية التأثير في الموقفين السوري والإيراني من منطلق التحالف والصداقة.
كما يتضمن الكتاب العديد من النقاط الهامة لأي باحث أو صحفي يريد معرفة كيفية تفكير روسيا الاتحادية أو روسيا بوتين، بالطبع الكاتب يحاول أن ينقل وجهة نظرة القيادة الروسية للتطورات في المنطقة من سوريا إلى العراق واليمن والعلاقة مع دول الخليج العربي. ومما لا شك فيه أيضا أن بوتين نجح في إعادة روسيا إلى الساحة الدولية وهذا ليس فقط باعتراف الدكتور وسيم قلعجية ولكن باعتراف معظم الباحثين الأوروبيين وبصورة خاصة الفرنسيين منهم.