حسن الستري
رفضت لجنة شؤون المرآة والطفل الاقتراح بقانون بتعديل المادة «60» من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم «37» لسنة 2012، المتضمن إضافة فقرة للمادة تحظر استغلال الأطفال في الدعاية الانتخابية أو في سائر إجراءات ومراحل الانتخابات.
ويهدف المقترح لمعالجة الفراغ التشريعي في قانون الطفل حيث يرى مقدمه أن القانون أغفل مظاهر أخرى ليست أقل تأثيراً وخطراً على الطفولة من الاستغلال السياسي، أبرزها ما يتمثل في استغلال الأطفال ضمن أدوات الدعاية الانتخابية، وإقحامهم في سائر إجراءات عملية الانتخابات ومراحلها بكافة الصور والأشكال.
ورأت اللجنة التشريعية والقانونية أن النص المقترح فيه من الاتساع ما قد يمنع من دخول بعض الصور التي قد يشارك فيها من هم دون سن الثامنة عشرة في العملية الانتخابية ويسأل عنها المرشح دون أن يكون المقصود من وراء ذلك استغلالهم، كما طالبت بمراعاة تأثير هذا المقترح على التوعية السياسية للأطفال، وإعدادهم للمشاركة السياسية في المستقبل.
وقالت وزارة العدل والشؤون الإسلامية إن المقترح يتوافق مبدئياً مع ما تهدف إليه الوزارة لضمان حماية الأطفال ومنع استغلالهم في العمل السياسي، وعليه فإن الوزارة ليس لديها مانع من التعديل المذكور في المادة «60» من القانون المذكور، على أن يراعى في الصياغة ما ورد في اتفاقية حقوق الطفل التي انضمت لها مملكة البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1991.
وثمنت وزارة الداخلية الاقتراح بقانون المنظور، وأشادت بوجاهة أسبابه ومبرراته التي تقصد رعاية الطفل وتوفير الحماية له، وأفادت الوزارة بأن قانون الطفل قد أناط بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية مهمة الاهتمام بقضايا الطفل وحماية حقوقه وتقديم الرعاية اللازمة له، بينما ينعقد الاختصاص بالنسبة للإشراف على الانتخابات لوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، ومن جانبها فإن وزارة الداخلية تعنى بتأمين العملية الانتخابية ومقار الانتخاب والاقتراع؛ وذلك للحفاظ على الأمن والنظام العام فيها.
ورأت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بأن حقوق الطفل تتطلب حماية خاصة تختلف عن باقي الحقوق في مضمونها وطبيعتها، وهذا ما يدعو إلى الاستمرار في تحسين أحواله دون تمييز، فضلاً عن تنشئته وتربيته في كنف السلام والأمن، وإبعاده عن مظاهر الاستغلال التي قد تعرضه للخطر، وأكد المؤسسة على عدم جواز زج الأطفال أو وضعهم في موضع التجاذبات السياسية وهم في طور تشكيل وعيهم السياسي، حيث إن حماية الأطفال من الاستغلال السياسي يعد من أهم العناصر الأصيلة لحماية حقهم في البقاء والنماء، ليكونوا قادرين على الإسهام في بناء المجتمع والارتقاء به، وهذا ما نص عليه دستور مملكة البحرين.
وأبدت المؤسسة الوطنية توافقها مع ما ورد من تعديل على نص المادة «60» من القانون المشار إليه، ورأت أن هذا التعديل يتماشى مع التزامات المملكة الناشئة عن انضمامها أو تصديقها على المعاهدات الدولية ذات العلاقة بمسائل حقوق الإنسان وأبرزها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة في عام 1989، وانضمت لها حكومة مملكة البحرين في عام 1991، وأصبحت بذلك جزءاً من التشريع الوطني وفقاً للمادة «37» من الدستور؛ لتكتمل بذلك مظلة الحماية القانونية للطفل من كافة أوجه الاستغلال الذي يحيط به سواء كان ذلك بمقابل أو بدون مقابل، إلا أن المؤسسة الوطنية رأت ضرورة النظر في نص المادة «69» من ذات القانون لتتوافق مع التعديل المقترح على نص المادة «60» من القانون.
وأعربت جمعية رعاية الطفل والأمومة عن دعمها وتأييدها للاقتراح بقانون المنظور بوجه خاص، ولأي تشريع - بوجه عام - يرمي إلى حظر كافة الممارسات التي تؤدي إلى الاستغلال الأطفال بأي صورة في الدعاية الانتخابية، مما قد يعرضهم للانتهاكات والمخاطر الجسيمة، سيما وأن هذا الحظر يشكل ضمانة إضافية لتحقيق حماية الطفل.
وأكدت الجمعية على خطورة استغلال الأطفال في القضايا السياسية بشتى صورها، ومنها الانتخابات، لما ينطوي عليه من تعريض الأطفال للخطر، وهو ما يعد مخالفة لسياسة وقوانين البحرين والتزاماتها الدولية.
ولفتت الجمعية إلى أن حظر تلك الممارسات يجب ألا ينال من حق الطفل في التوعية المناسبة بالعملية الانتخابية والأنشطة والفعاليات التعريفية والتثقيفية التي تواكب العملية الانتخابية، وذلك في إطار إعداد النشء، وترسيخ مبادئ المشاركة الفعالة في العملية الانتخابية، وتعزيز القيم الوطنية.
وخلصت لجنة شؤون المرأة والطفل النيابية إلى أن هدف الاقتراح بقانون الذي يتلخص في حماية الطفل من استغلاله سياسياً أثناء العملية الانتخابية يتنافى مع مصالحه الفضلى، مفهوم «الاستغلال» ينطوي على معاني الانتفاع بغير حق وجني المنافع الشخصية بطرق الخداع والالتواء، فإن هذه الدلالات لا تنطبق على كافة أشكال ومظاهر مشاركة الأطفال «دون سن الثامنة عشرة» وتفاعلهم مع الحدث الانتخابي بوصفه تظاهرة وطنية أرحب دلالةً وأوسع نطاقاً من مجرد الحدود السياسية.
وذكرت اللجنة أن صيغة الإطلاق في الحظر، التي نطق بها الاقتراح بقانون، تتنافى مع جوهر فلسفة قانون حقوق الطفل الذي يشكل إطاراً تشريعياً يعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتنشئة الأطفال تنشئة سليمة ومتكاملة من كافة النواحي، بما فيها جانب التنشئة السياسية؛ من أجل بناء جيل واعد وقادر على ارتياد آفاق المستقبل، والإسهام في مسيرة نهضة المملكة وتجسيد غايات المشروع الإصلاحي.
وبينت اللجنة أنه من المتصور، نظراً وواقعاً، أن بعض صور اشتراك الأطفال وتفاعلهم مع الفضاء الانتخابي قد يكون جزءاً من أدوات التربية السياسية في سياق عملية تأهيلية للممارسة الديمقراطية في المستقبل بما لا يمثل استغلالاً لهم، الأمر الذي يغرس فيهم الروح الوطنية وينمي مفاهيم الانتماء وحب الوطن.
واحتجت اللجنة بما ذهبت «وزارة التربية والتعليم)» ضمن مرئياتها إلى أن تعديل المادة المذكورة ينطوي على استخدام مصطلح «الانتخابات» بعموميته، حيث شمل ما هو سياسي وغير ذلك، ومنه على سبيل المثال: «انتخابات النوادي، والجمعيات، والمدارس، والجامعات، وغيرها». واستنتجت اللجنة في هذا الصدد بأن هذه الممارسات الانتخابية المقبولة، بل المحبذة.
وترى اللجنة أن الاقتراح بقانون المنظور ينتهك هذا الحق الذي كفلته المعاهدات والمواثيق الدولية.
وذكرت اللجنة أن من شأن تطبيق هذا الاقتراح بقانون أن يؤثر على الكثير من البرامج التثقيفية التي تنفذها كل من «وزارة التربية والتعليم، ومعهد البحرين للتنمية السياسية» في إطار مسؤولياتهما عن تعزيز الجانبين التربوي والتثقيفي، ونشر الثقافة السياسية والقانونية بمفهومها الواسع الذي يرمي إلى تنمية الوعي والسلوك الإيجابي لدى جميع فئات المجتمع بما فيها فئة الأطفال، كما لم يراعِ الاقتراح بقانون الصياغة الواردة في اتفاقية حقوق الطفل التي انضمّت لها مملكة البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم «16» لسنة 1991، في حين شددت «وزارة العمل والتنمية الاجتماعية» على ضرورة مراعاة ذلك، وهو ما استرعى نظر اللجنة.
وخلصت اللجنة الى إن التجريم المستحدث وفق نص المادة «60» من قانون الطفل لا يتوافق مع النص العقابي الذي أوردته المادة «69» من ذات القانون، وذلك بالمخالفة مع مبدأ التناسب بين الجريمة والعقاب، وهو ما ألمحت إليه المذكرة القانونية المرافقة لتقرير «لجنة الشؤون التشريعية والقانونية»، وأتت عليه تباعاً مرئيات «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان»، كما يتعارض التعديل المطروح، بموجب الاقتراح بقانون، مع فكرة تشغيل الأحداث الواردة في المواد «23-28» من قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر بالقانون رقم «36» لسنة 2012، إذ قد يستعين مرشح بتشغيل الأحداث في حملته الانتخابية مقابل مكافأة مالية تقدم لهم نظير قيامهم بعمل ما، وبموجب هذا الاقتراح سوف يحظر الاستعانة بتشغيل الأحداث في الحملة الانتخابية، وبالنظر إلى محدودية الفترة الانتخابية كل أربع سنوات، فإن اللجنة لا ترى أي تأثير لذلك على حق الطفل في التعليم أو غيره من الحقوق المكفولة له دستورياً وقانونياً.