كتب- إبراهيم الزياني:
انقسم أعضاء مجلس الشورى أمس، على ثلاثة مشاريع بقوانين، تهدف إلى زيادة معاشات المتقاعدين 7% في القطاعات كافة، ولم تحظى توصية لجنة الشؤون المالية والاقتصادية برفض المشاريع على موافقة أغلبية الأعضاء، لتعود التقارير إلى اللجنة، بحسب ما تنص عليه اللائحة الداخلية.
وتباينت آراء الأعضاء في الجلسة، بين مؤيد للزيادة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعيــــة الصعبـــــة التـــــي يعيشهــــا المتقاعدين، وبين من رأى أن الزيادة تشكل خطراً على الوضع المالي للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.
وأرجعت اللجنة رفضها للمشروع، إلى أن «القانون أحيل من الحكومة إلى مجلس النواب منذ 2007، وطرأت زيادات متعددة على معاشات المتقاعدين، الأمر الذي يصبح فيه هدف المشروع متحققا».
وقالـــت اللجنــــة، إن: «الزيـــادات السابقـــة للمعاشات، أصدر مجلس الوزراء على إثرها عدة قرارات، تؤمن لها الغاية، فيما لم تبين المشاريع بقوانين المدروسة، كيفية تمويل هذه الزيادة، وأكدت أن إقرار مزايا تقاعدية إضافية دون إيجاد التمويل المناسب، من شأنه زيادة المصروفات التقاعدية والتعجيل بعجز الصندوق، خصوصاً أن التقارير الاكتوارية خلال السنوات الماضية، تؤكد دائماً وجود عجز اكتواري في أموال الصندوق».
واعتبرت أن «إقرار أية زيادة جديدة، يتطلب وجوب زيادة الاشتراكات الحالية بنسبة معينة، وسيتحمل القطاع الخاص النصيب الأكبر من الزيادة، وهو ما لا يمكن التوصية به في الوقت الحاضر».
وقالت دلال الزايد إن: «مقتضيات الحياة الحالية تحتاج لمثل هذه الزيادة، مضيفة أن المتقاعد أصبح لا يعيل نفسه فقط، إنما حتى أبناءه في الجامعات ويشارك المتزوجين، في سداد التزاماتهم، لذلك الحاجة ستظل مستمرة».
واختلف الشيخ د.خالد آل خليفة مع سابقته «عندما نقف في المجلس ضد زيادة المتقاعدين، يجب ألا ننسى أن في المجلس أعضاء يستفيدون من التقاعد، فحينما نصوت ضد مصلحتنا الشخصية، يعني أننا نغلب المصلحة العامة»، وأضاف «يجب أن يعلم المجتمع والرأي العام، أننا لسنا مع الزيادة إذا كانت لا تتوافق مع استمرارية الصندوق، وقال أنا من المستفيدين، وأريد الحصول على الزيادة اليوم، لكن لا أضمن استمراريتها لمدة عشرين سنة»، داعياً الأعضاء إلى أن يكون موقفهم «التمسك برفض الزيادة إذا لم تكن مدروسة، وتأثر على وضع الصندوق مستقبلاً».
واتفق النائب الأول لرئيس المجلس جمال فخرو مع الشيخ د.خالد «جميع الخبراء الذين مروا على الهيئة من منتصف السبعينات، يؤكدون أمراً واحداً، أن الوضع المالي للهيئة في خطر، وأن الاستمرار في زيادة المعاشات ومزايا المتقاعدين، دون تحسين للموارد، يؤدي إلى إفلاس الهيئة».
وتابع أنه «ليس هناك أي مانع لتحسين معاشات المتقاعدين، لكن يجب أن التحدث في الوقت ذاته، عن مصادر التمويل، وكيفية تغطية الزيادة؟».
وقال فخرو، إن: «دول العالم تلجأ لزيادة الضريبة عندما يكون لديها عجز، مضيفاً أن البحرين لديها مصدر دخل وحيد هو النفط ولا يمكن التحكم فيه»، وأشار إلى أن المملكة تسير وفق نهج التنمية المستدامة، ما يعني ألا نصرف من أموال الجيل القادم، إلا أننا اليوم نستخدم تلك الأموال لنعطي المتقاعدين، لأننا لا نملك فائض نتصرف به»، واعتبر أنه «في حال شرع المجلس في تحسين مزايا، فيجب فرض رسوم إضافية على المشتركين».
وعقب الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي زكريا العباسي على مداخلات الأعضاء، وقال إن «الهيئة أو الحكومة عندما تتحفظ على مثل هذه المشاريع، فهذا لا يعني أننا ضد تحسين أوضاع المتقاعدين، مؤكداً اتفاق الجميع حول الحاجة الماسة لزيادتهم، ودليل ذلك زيادة علاوة المتقاعدين مؤخراً، عند إقرار قانون الميزانية العامة للدولة، بالتوافق بين السلطة التشريعية والحكومة».
وأوضح العباسي، أن «زيادة العلاوة إلى 150 ديناراً مؤخراً، تفوق المقترحة في القانون الماثل أمامكم، ففي حال افترضنا أن الحد الأدنى للمعاش التقاعدي 200 دينار، فيعني أن العلاوة تشكل زيادة 75% على المعاش، ونسبة الزيادة تتناقص كلما ارتفع المعاش».
وأضاف أن «القوانين التقاعدية، حينما سنت، فإنها صممت على أساس التمويل الذاتي الكامل، إذ تضمنت عدداً من المزايا، مقابل نسبة اشتراكات محددة، وفي 35 سنة مضت، أجريت عدد من التحسينات على المزايا، دون زيادة الاشتراكات لتغطيتها، موضحا أن الأرقام الموجودة تشير إلى وجود تطور في حجم الإيرادات التي تأتي من الاشتراكات والاستثمارات، مقابل ارتفاع أسرع في المصروفات التأمينية، والآن الإيرادات أقــل بكثير من المصروفات، والفجوة تتسع سنة تلو الأخرى».
وأشار العباسي، إلى «تحرك الهيئة، بإعداد بعض المقترحات تهدف إلى إجراء بعض الإصلاحات على الصناديق، لتكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها على المدى الطويل، وهي بصدد رفعها إلى الحكومة»، مبدياً استعداده للجلوس مع الراغبين من أعضاء السلطة التشريعية، لتوضيح ما تقوم به الهيئة من إجراءات وأعمال، والوضع المالي لصناديق المتقاعدين.
وكشـــف العباســـي، أن «الخبيـــر الاكتـــواري للهيئة، بصدد الانتهاء من الدراسة الحالية خلال أسابيع، إذ بموجب أحكام القانون، يتم تقيم الأوضاع المالية لصناديق المتقاعدين كل ثلاث سنوات».
ودعا إلى العمل على إبقاء الصناديق قوية وقادرة على أداء مهامها الاجتماعية، مضيفا أن «هنـــاك إدراك تـــام مــن الحكومـــة أن الصناديق لا تتحمل إضافة مزايا جديدة دون إيجاد موارد، وبالتالي كثير من الزيادات التي أقرت في السنوات الثالثة الماضية، حملتها الحكومة إلى الخزانة العامة للدولة».
من جهته اعتبر د.عبدالعزيز أبل أن طرح بعض الأعضاء «عاطفي»، وقال إن: «المجلس يجب أن يفكر بمنطقية، التأمينات الاجتماعية التي تعتمد على تراكم راتب معين، وتحصل عليه عندما يحال إلى التقاعد»، وأضاف «إذا لم يتراكم المبلغ، فأنت لا تستحق شيء، ليس من العدالة أن أعطي من المال العام شخص لم يراكم ماله». وقال إن «هناك متقاعدين رواتبهم أكثر من 4 آلاف دينار، وهناك من يحصل على 750 ديناراً وبلغ 60 سنة ولا يملك التزامات، ماذا يحتاج أكثر من ذلك؟. ودعا إلى الاعتناء بأصحاب المعاشات المنخفضة، في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية».