لم تقبل أي دولة على مر التاريخ الحوار مع عصابات مهما كانت خطورتها، حين يكون الاتصال والحوار مع العصابات هو شهادة شرعيتها، وكذلك اليوم تسعى أطراف داخلية معروفة مقربين من أصحاب القرار لدفع الدولة للجلوس مع العصابات التي تواصل أعمالها الإجرامية والإرهابية في الشارع، والتي تسمي نفسها معارضة، وهي ليست معارضة وإنما هي “مغالطة” تحاول كسب نفسها الرسمية والأهلية ويكون لها شعبية وقبول من الدولة واعتراف دولي، وبالفعل استطاعت أن تقنع الداخل والخارج بأنها معارضة، لكن هل تقبل الدولة بهذه المغالطة؟ وهل تستمر في إضفاء الأهلية والرسمية؟ ويكون لها الاعتبار والمكان، فتحولها من حالة المغالطة إلى حزب مؤهل يكون شريكاً في الحكم وقد يكون غداً على كرسي الحكم، وذلك حين تقبل أن تجلس الدولة أو من يمثلها مع المغالطة على طاولة الحوار.
إن الجلوس مع المغالطة هو عفا الله عما سلف، وهو عفو شامل لكافة مرتكبي الجرائم الإرهابية، وذلك حين تكون المغالطة معارضة وتصبح الجرائم والإرهاب الذي ارتكبته ميلشيات المغالطة لا يخرج عن أفعال ومزاولات فرضتها ظروف سياسية فتنزوي تحت بند المطالبة بالحرية والديمقراطية، فهذه ستكون أول نتيجة من نتائج الجلوس على طاولة الحوار مع هذه المغالطة والتي مع الأسف قد ساهم في صنعها سكوت الدولة وقبولها كند، حين استقبلت أعضاءها وخصتهم بالرعاية والعناية، وقربتهم حتى أصبح صعاليكها يحملون جوازات خاصة ويركبون سيارات فارهة دفعت فواتيرها الدولة، كما منحتهم عطايا وهبات مكافأة على قبولهم المشاركة في مجلس النواب، وكذلك ستفعل الدولة اليوم إن قبلت معهم الحوار، حيث إن الحوار نتائجه ستكون لحساب المغالطة التي ستتحول بعد الحوار إلى معارضة موثقة ومختومة، حين تكون نتائج الحوار الذي أصبح توقيع الدولة كطرف أول وتوقيع المغالطة كطرف ثانٍ، وحتى لو كان هناك طرف ثالث، فسيبقى الطرف الثاني هو الأصل في الحوار،حين يعترف به الطرف الأول والطرف الثالث ممثلاً عن جماهير الفاتح، أي أنه اعتراف ملكي وشعبي، وهو الهدف اليوم الذي تسعى إلى تحقيقه أمريكا وتنتظر نتائجه إيران، التي سيكون لها بعد الحوار تمثيل في الحكم، على غرار تمثيل حزب الله لها في دولة لبنان، كما ستتحول إيران إلى دولة صديقة حيث إن نتائج الحوار سيبرئ طهران دولياً من ضلوعها في المؤامرة الانقلابية، ومنها ستفتح البحرين أبوابها لجمعيات الصداقة الإيرانية والمشاريع الاقتصادية الكبرى، وستفتح المستشفيات الإيرانية ونواديها الثقافية، وهي مكاسب بالطبع تؤهل إيران للدور النهائي الذي فيه تضمن عدم تكرار فشلها. إن المغالطة التي استطاعت أن تصطنع لنفسها صفة المعارضة ما هي إلا مافيا على غرار المافيات الإجرامية العالمية والتي استطاعت إيران أن تستنسخ تجربتهم في السيطرة على ثروات الوطن العربية وأخضاع المنطقة العربية والخليجية عن طريق عصاباتها، وذلك حين نشاهد ما تمتلكه هذه العصابات من ثروات يستلمها رؤوساء العصابات مباشرة من طهران، إضافة إلى توفر القوة المحلية المتمثلة في رجال أعمالها وأفرادها في الحكومة استطاعت المافيا الإيرانية الكبرى في طهران إيصال الموالين منهم خلال فترات حسن النوايا، وكذلك في باقي دول الخليج، حين استطاعت العصابات المنتشرة في الخليج من توطيد علاقاتها بأصحاب القرار مباشرة أو المقربين منهم، حتى أصبحت مؤسسات الدولة الحيوية تقع تحت قبضت هذه العصابات، مما جعل الأمر صعباً بالنسبة للدولة أثناء المؤامرة الانقلابية الفاشلة، حين خرجت عصابات المافيا المتخفية كموظفين مخلصين ورجال أعمال ناجحين، مما يعني أن المؤامرة الانقلابية قادتها عصابات المافيا الإيرانية وليس معارضة، وهو الأمر الذي يجب أن تتعامل معه الدولة بحزم.
إن الحوار مع الجماعات التي تقود المليشيات الإرهابية والإجرامية في الشوارع، هو الجلوس مع فرع من فروع المافيا الإيرانية، وأن نتائج هذه الجلوس هو تمكين المافيا التي أصبحت ميزانيتها قد تفوق ميزانية الدولة، وذلك حالها كحال المافيات في العالم، كما إن الحالة النفسية للعصابات الإجرامية أصبحت صعبة وتحتاج اليوم إلى هدوء واستراحة كي تسترد أنفاسها خصوصاً بعد أن أوصدت الأبواب في وجهها في الداخل والظروف الخارجية لا تخدمها، ولذلك قررت أن تحث وسطاءها المحلية المعروفين ووسطائها الغربيين حين نسمع بأن هناك بوادر للحوار بدأت مع الوفاق تزامنت مع الدعوات الأمريكية للمصالحة، في الوقت الذي ترفض فيه الأغلبية الشعبية أي حوار مع هذه العصابات الإجرامية، حين تأكد لهم بأن ما يحدث في الشارع هو عمل عصابات إجرامية تنتمي إلى المافيا الإيرانية وأن الجلوس على طاولة واحدة مع هذه العصابات هو تمكين المافيا الإيرانية من البحرين، التي سيكون قرارها موازياً لقرار الدولة على غرار حزب الله في لبنان.