لم يثر تصريح النائب العراقي يونادم كنا لوكالة الصحافة المستقلة (إيبا) بوجود أكثر من 7 ملايين عراقي يعانون تحت خط الفقر، أي استغراب، والمطلعون يرون أن هذا الرقم ربما فيه تهوين كبير.
ويقرّ كنا أن ذلك سببه الفساد الضارب أطنابه في العراق بعد الاحتلال وتدمير الدولة العراقية ومقوماتها.
وبان للعراقيين جميعاً أن “المناضلين” و«المجاهدين” الذين “ناضلوا” و«جاهدوا” من أجل عراق بلا مظلوميات ولا صدام ولا فقير ولا محتاج واستعانوا براعية “النضال” و«الجهاد” أمريكا لتنصبهم على كراسي الحكم في العراق لينتجوا العالم الذي يحلمون به، هم من أوصلوا العراق إلى هذا المآل.
والنتيجة أنهم أنتجوا عراقاً أسوأ ما كان في العراق الذي سبقه هو أحسن من أحسن شيء فيه.
وبان للعراقيين أيضاً أن المخطط له هو أن عراق ما قبل الغزو كان يجب أن يتم الإجهاز عليه وإزالته من طريق المصالح الأمريكية وخططها الشيطانية الرهيبة والإرهابية في آن معاً.
وإذا كانت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس أقرت في حفل توقيع كتابها بأن أمريكا ليس لها شأن أن تكون في العراق ديمقراطية أو لا تكون، بل إن ما كان يهمها هو فقط إزاحة صدام حسين لأنه يشكل عقبة في طريق المصالح الأمريكية، فهذا هو التقرير الذي أصدرته محكمة بروكسل عن سلوكية الاحتلال الأمريكي في العراق، يؤكد في فقرة من فقراته أنه (بعد أيام قليلة من أحداث الحادي عشر من سبتمبر أعلن نائب وزير الدفاع بول وولفويتز أن التركيز الرئيس للسياسة الخارجية للولايات المتحدة سيكون “إنهاء الدول التي ترعى الإرهاب”، وقد وُصف العراق كونه “دولة إرهابية” وتم استهداف إنهائهِ).
ويضيف التقرير أن الرئيس بوش أعلن العراق كجبهة رئيسة في حملة الحرب على الإرهاب العالمية. وعليه غزت القوات الأمريكية العراق بصفة غير قانونية تحت هدف واضح وهو تفكيك الدولة العراقية.
وأوجز تقرير محكمة بروكسل الأمر بكلمات معدودات: “يمكننا الآن، بعد سبع سنين من الحرب والاحتلال، أن ننص بأن إنهاء الدولة كان هدفاً سياسياً متعمداً”.
لكن عواقب تدمير الدولة العراقية كان وخيماً على الصعيد الإنساني والثقافي: وفاة أكثر من 1.3 مليون مدني “الرقم يتزايد يومياً”، والتدهور في البنى التحتية الاجتماعية من ضمنها الكهرباء والمياه الصالحة وشبكات الصرف الصحي أكثر من ثمانية مليون عراقي يحتاجون إلى مساعدات إنسانية بالإضافة إلى الفقر المدقع، كما إن تقرير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الصادر في الربع الأول من سنة 2007 نص على وجود 45% من العراقيين يعيشون بأقل من دولار في اليوم، بالإضافة إلى تشريد 2.5 مليون على الأقل من اللاجئين ونزوح 2.764.000 في نهاية سنة 2009، إذ وجد أن نسبة المهجرين هي واحد من بين كل ستة أفراد عراقيين، كما إن الجاليات العرقية والدينية على وشك الانقراض.
وأصدرت وكالة (السكن) التابعة للأمم المتحدة مؤخراً بياناً من (218 صفحة) بعنوان حالة دول العالم لسنة 2010-2011، تضمن إحصائيات من ضمنها حقائق مفزعة عن معيشة السكان في المدن العراقية.
خلال العقود القليلة الماضية، قبل الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، تراوحت نسبة السكان الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة أقل من 20 بالمائة. أما في يومنا الحالي فارتفعت هذه النسبة إلى 53 بالمائة: وهو ما يعادل 11 مليون من قاطني المدن الحضرية من أصل 19 مليون.
بعد هذا كله، وغيره كثير، هل سيستغرب أحد من تصريح مثل تصريح كنا؟
ولكني مستغرب جداً كيف مازال يونادم كنا مع هذه الحقائق كلها التي يعرفها غير نادم على الانخراط في عملية سياسية هذه أبسط نتائجها؟!!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90