تحتل مسألة إعادة صياغة المناهج الدراسية بما يتماشى مع تنمية الحِسّ الوطني الجامع لدى تلاميذ المدارس الحكومية والخاصة مكانةً خاصةً لدى وزارة التربية والتعليم، حيث يعتبر تحقيق هذه المهمة تنفيذاً عملياً لتوجّهات الدولة الرامية إلى رأب الصدع، وتنحية الخلافات، ولمّ الشمل على قاعدة التعاضد والتسامح الأهلي بحيث تكون الغلبة دوماً لصوت العقلانية والحكمة.
وضمن هذا السياق، قام المجلس الإسلامي الأعلى بتكليف فضيلة الشيخ عبداللطيف آل محمود ممثلاً عن الطائفة السُنية، وفضيلة الشيخ محسن بن الشيخ عبدالحسين خلف العصفور ممثلاً عن الطائفة الجعفرية، بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم لإعداد تصوّر عملي محدّد لكيفية تطوير المناهج الدراسية الحالية بحيث تخدم شكلاً ومضموناً مهمّات تمتين اللحمة الوطنية، وتعزيز قيم المواطنة الحقّة، ونبذ التعصب المذهبي في أوساط الطلبة، وتستحِثّ المتعلِّمين على البحث عن أشكال متجدِّدة للترابط والتلاقي على الخير والمحبة والعمل المشترك لمصلحة الوطن.
لقد دفعت صروح العلم والمعرفة، ولاتزال تدفع حتى هذه اللحظة، ضريبةً عاليةً وقاسيةً من جرّاء الأحداث المؤسفة التي مرّت بها البلاد، ويشهد التاريخ أن الوزير ماجد بن علي النعيمي، وهو الرجل المتميِّز بكفاءته ونزاهته وإخلاصه الشديد في العمل، وولائه للثوابت الوطنية العليا التي لا يقبل أبداً التفريط فيها، والمساومة بشأنها، قد بذل جهوداً جبارةً من أجل أن تظل مدارسنا بمنأى عن التجاذبات السياسيّة والمذهبيّة، حتى تستطيع أن تؤدِّي رسالتها التعليمية السامية على أكمل وجهٍ ممكنٍ، ومن أجل أن يتمكّن فلذات أكبادنا من تلقِّى العلوم الطبيعية والإنسانية في بيئةٍ تعليميةٍ صحيةٍ تنمِّي قيم التضامن والتعاطف الإنساني، وترسِّخها بين الطلبة.
إن لرجل الدين مقاماً رفيعاً واحتراماً عالياً وتأثيراً مرموقاً في المجتمع، وهذه الخصال تنطبق على فضيلة الشيخ عبداللطيف، وفضيلة الشيخ محسن، فهما شخصيّتان بارزتان لهما حضورهما الواسع، وثقلهما المتألِّق، في المجتمع البحريني، وبوسعهما أن يتركا بصماتٍ إيجابيةً واضحةً على المسيرة التعليمية، وعلى المناهج المدرسية بوجهٍ خاصٍ، نتمنى لهما خالص التوفيق في مهمتهما النبيلة، ونرجو من الله العلي القدير أن يسدِّد خطاهما، إنه سميع مُجيب الدعاء!