عند التعامل في المدرسة مع طلبة لديهم مشاكل سلوكية أو أخلاقية، فإن ما يتضح لنا أن هؤلاء الطلبة هم ضحية لما تلقوه في البيوت من تربية غير سوية، مثال العنف من قبل الوالدين تجاه ما يثيره أبناؤهم في البيت من مشاكل أو فوضى، فترى الطالب يعكس عنفه على من حوله في المدرسة، الطالب الكاذب يأخذ هذه الصفة السيئة من أحد والديه الذي يعتبره مثلاً أعلى شاء أم أبى! الطالب المثالي، الخلوق، الذكي كذلك أخذ هذه الصفات من والديه، وهكذا نرى أن كل ما نفعله في البيت ينعكس كالمرأة على أبنائنا فيعرفنا الآخرون جيداً عندما يتعاملون مع أبنائنا. لكن ظهرت قبل فترة ليست ببعيدة موضة أخلاقية غريبة وهي التنكر بزي الدين، فكل من يرى شخصاً كهذا يجب عليه وبلا شعور احترامه وتبجيله وتنزيهه عن النقائص والأخطاء ( لأنه شخص يعرف الله جيداً) لكن ويا للأسف – طبعاً أنا لا أعمم بل أتكلم عن نماذج قليلة لكنها مؤثرة في مجتمعنا بشكل أو بآخر – عندما ترى أخلاقه عن كثب وتتعامل معه، فإنه يصدمك بل ويهشم أفكارك السامية عنه تماماً عندما تتكشف لك حقيقته المظلمة، فهو بعيد في تعامله مع الآخرين عما أمرنا الله به، فتراه أكذب الناس إذا تحدث أو لا يؤدي الأمانة إذا أؤتمن عليها، وقد يبخس الناس أشياءهم ويتعالى على الآخرين بكلامه وتصرفاته وعندما ترى أبناءه فإن حالهم ليس بأفضل حال من الناس حوله، فهم مهملون مادياً وسلوكياً، وقد ينتقل الطالب منهم من سنة دراسية إلى أخرى ووالده لا يدري عنه شيئاً لأن هناك ما يشغل فكره ويأخذ وقته سواء عن أسرته وأبنائه. عند النقاش مع أبناء بعض هذه النوعية من الناس، تكتشف مدى غبنهم واستيائهم من رياء ونفاق والدهم، وتراهم أبعد الناس عن الالتزام الديني والأخلاقي على السواء، لأنهم رأوا بأم أعينهم مثلاً أعلى أمامهم حطم ثقتهم في كل من يدعي الالتزام والتدين، ومهما حاولت معهم فلن يثقوا بكلامك، فأنت شخص غريب عنهم وتعرف حقاً معاناتهم، فلماذا يتحملون نصحك وإرشادك، بينما من يفترض به نصحهم أوضح لهم بالفعل قبل القول إن الأخلاق والالتزام ما هو إلا وسيلة لتصل لغايتك فقط. أتمنى من كل راع أن يولي رعيته اهتمامه، فليس من أخلاق الإسلام الاهتمام بالمظهر وإغفال الجوهر، فالدين المعاملة، ولن يحاسبنا الله سبحانه وتعالى على مظهرنا، بل سيحاسب قلوبنا التي في صدورنا. فمن أجل جيل مسلم مؤمن قوي أرجو من كل أب أن يهتم بغرس الأخلاق الإسلامية الحميدة في نفس من يقوم على رعايته، فو الله أن هذا هو الزرع الصالح، ومن أراد أن يلتزم فليكن مثلاً يقتدى. وهناك أمثلة رائعة لشباب ملتزمين صادقين يعكسون قلباً من ذهب ويجعلون الالتزام طريقاً محاطاً بالورود. بارك الله فيهم وأكثر من أمثالهم.