القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء مؤخراً بإنشاء لجنةٍ عليا برئاسة الدكتورة فاطمة محمد البلوشي، وزيرة حقوق الإنسان، لدراسة خطط لمعالجة قضايا جرائم الناشئة، ومشاركتهم في أعمال العنف، ومسؤولية الوالدين في ذلك، ووضع آليّات التنفيذ المناسبة. نقول إن هذا القرار يشكل نقلةً نوعيةً هامةً في مجال حماية الطفولة والنشء من الضياع، والوقوع في براثن المحرضين على العنف، واستغلالهم البشع في ارتكاب أعمال مخلّة بالقانون والنظام في البلاد.
إن مرحلة الطفولة تمثِّل أهم مراحل النمو لدى الفرد، كونها تشكل القاعدة الأولى التي تتأسّس عليها كل السمات والخصائص التي ستميِّزه لاحقاً، في علاقته بالآخرين، سواءً تعلّق الأمر بالسمات الفكرية أو النفسية أو السلوكية. كما إن هذه المرحلة هي فترة التفتّح على العالم الاجتماعي بشكل أكثر عمقاً، نظراً لدخول الطفل إلى عالم المدرسة، وما يترتّب عليه من تأثيرات تربوية منظّمة على شخصيته. وما يميِّز هذه المرحلة أنها تتسم بالنمو الفسيولوجي والعقلي المتسارع من ناحيةٍ، وقلة النضج، من ناحيةٍ أخرى، الأمر الذي يستدعي تدخّل الوالدين والمؤسّسات الاجتماعية والتربوية لتوجيه الطفل، وتهذيب سلوكه، ومساعدته على النمو السليم.
ولاتزال في مجتمعنا البحريني للأسف تعشعش بعض التصوّرات الخاطئة بشأن كيفية التعامل مع الأطفال. فالبعض يرى أن الطفل حالما يلتحق بالمدرسة، فإن المدرسة هي لوحدها المسؤولة عن رعايته وإرشاده، ومن ثم فإن له مطلق الحرية في التصرّف خارج أسوار المدرسة باعتباره شخصاً واعياً ومسؤولاً، غير أن هذا النمط من السلوك من جهة الوالدين تحديداً يعتبر أحد مظاهر الاعتداء على الأطفال وهو الإهمال، والذي يبرز عادةً حينما يتخلّى الشخص البالغ المسؤول عن رعاية الطفل وتوفير احتياجاته المختلفة عن طريق حمايته من جميع صور القسوة والاستغلال، وفي ذلك إهدار للإمكانات والتسهيلات اللازمة لنموّ الطفل الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعياً سليماً في جو من الحرية والكرامة، ففلذات أكبادنا دين علينا، وإن لم نحسن تربيتهم، ولم تقم المؤسسات والمراكز الأهلية بممارسة دورها المطلوب تجاههم، فإن هناك من يتحيّن الفرصة للتغرير بهم، وإيقاعهم في فخّ الأعمال المحظورة، والمتاجرة بطفولتهم!