قيل في الأمثال (اليد الواحدة لا تصفق)، فالتصفيق يحتاج إلى اليدين الاثنتين، كذلك المجتمع فهو يحتاج إلى، الرجل والمرأة، فلا يمكن للرجل أن يأخذ مكان المرأة ولا هي يمكنها أن تأخذ دور الرجل، فلكل منهما دوره في المجتمع. ورغم خصوصيات المرأة والرجل إلا أنهما يُكملان بعضهما البعض في أي مجتمع كان. والمرأة البحرينية جزء لا يتجزأ من المجتمع البحريني الأصيل، والتاريخ البحريني السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي سجل الكثير من الوقفات لهذه الإنسانة التي أردفت وطنها بالكثير من الأبناء المخلصين، الوثابين للحق، الراشدين الصالحين. ومنذُ أن تأسس المجلس الأعلى للمرأة في مملكة البحرين أخذ على عاتقه مسؤولية التمكين السياسي للمرأة البحرينية، وهي مسؤولية وطنية خاضها المجلس الأعلى بجدارة بقيادة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد، هذا التمكين الذي ساهم في توسيع مساحة مشاركة المرأة في مجتمعها البحريني من خلال مجموعة من البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أهلت المرأة لتأخذ موقعها الحقيقي في المجتمع.
ويذكر التقرير الذي أصدره المجلس الأعلى للمرأة مؤخراً، أن (محور المرأة وصنع القرار من المحاور ذات الأولوية في عمل المجلس نظراً إلى ما يُمثله من أهمية لتعزيز مركز المرأة البحرينية)، ولتحقيق هذا الهدف فقد وضع المجلس آلية تمثلت في مجموعة من المناهج والبرامج ساهمت كثيراً في وضع المرأة في الكثير من المواقع المتقدمة التي غُيبت عنها سابقاً، وجعلتها فعلاً عنصراً أساسياً لتقدم المجتمع البحريني.
ومن هذه البرامج الذي وضعها المجلس كآلية لتحقيق أهدافه -ـ برنامج التمكين السياسي للمرأة البحرينية لانتخابات عام 2002، فقد بذل المجلس ولجانه وكوادره جهوداً استثنائية في دعم المرأة في الانتخابات البرلمانية والبلدية لعام 2002 بهدف تعزيز مشاركة المرأة البحرينية كناخبة أولاً، وزيادة نسبة مشاركتها في الانتخابات ثانياً، وثالثاً العمل على وصول المرأة إلى المقاعد البرلمانية والبلدية.
وتمثل ذلك في الجولات التي قامت بها الكوادر الفنية والتقنية في المجلس الأعلى للمرأة في جميع المحافظات حيث التقت بمجموعة من المؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وأجرت معهم حوارات ولقاءات بشأن دور المرأة وقدرتها على تحقيق أهدافها النسوية والوطنية. واستمرت هذه اللقاءات والحوارات والبرامج للمجلس في مواسم انتخابات عام 2006 و2010 حيث حققت المرأة البحرينية تطوراً ملموساً بشغرها لمقاعد البرلمان وخاصة بعد فوز ثلاث نساء في الانتخابات التكميلية التي جرت في عام 2011. وقد حققت هذه البرامج أهدافها بالتعاون مع (البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة)، ومن خلال هذه البرامج تعرفت المرأة البحرينية على ما تعانيه من الصعوبات والتحديات التي تواجهها أثناء الترشيح للانتخابات البرلمانية والبلدية لتعزيز قدرتها ولزيادة فرص النجاح في أي انتخابات مقبلة.
كما كان هناك تعاون بين المجلس الأعلى للمرأة ومعهد التنمية السياسية في برنامج خلال الفترة (2011 ــ 2014)، وتتركز أهداف هذا البرنامج في دعم المشاركة السياسية للمرأة وتهيئتها للدخول في المعترك السياسي من خلال استثمار المخزون التراكمي للخبرات المتاحة لديها، وبناء وإعداد كوادر نسائية قادرة على المنافسة في الانتخابات المقبلة والوصول إلى مواقع صنع القرار الوطني. وهذا ما سيعمل على إبراز الدور القيادي للمرأة كمواطنة فاعلة صاحبة رؤية وتفكير ولديها القدرة على تحقيق المكاسب الوطنية للبحرين. وهذا الأمر لا يحتاج إلى برامج وتدريب وتمكين فقط بل أيضاً يحتاج إلى خلق الوعي المجتمعي لدى كافة المواطنين بأهمية دور المرأة أولاً، وبضرورة مشاركتها بجانب أخيها الرجل ثانياً، وبضرورة دعم المرأة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ثالثاً، ورابعاً أن يتكوَّن لدى أبناء المجتمع الإيمان بكفاءة المرأة وقدرتها وبأنها ليست رقماً انتخابياً فقط بل إنها قيمة وطنية مضافة إلى العمل الوطني، وإنها قادرة على إحداث التغيير الإيجابي في وطنها، ولا يختلف دورها في ذلك عن دور الرجل، فالمرأة هي رقم مكمل ولا يمكن تجاهله في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لكونها عنصراً مهماً في تطور المجتمع وتقدم الوطن.