مشكلة الوفاق أن كل ضربة اليوم تأتي فيها، سواء من الشارع المضاد لها باعتبارها من قادت عملية اختطاف البحرين وسعت لتشويه صورة بلدنا في الخارج بالتالي استعدت الجميع ضدها، أو من خلال الدولة في حال رفض التعاطي معها دونما تقديم أية بوادر لحسن النوايا، أو إيران التي تتطلع من خلال مرشدها الأعلى لتنفيذ الوفاق لدورها المنوط بها في عملية سلخ هوية البحرين، أو من خلال أمريكا التي استثمرت في عناصر وفاقية لأغراض معينة وتلعب دور المستشار والوسيط اليوم، أو فوق كل ذلك شارعها الذي بات يحس بأنه سيترك في أي لحظة لوحده ليكون المتضرر الأول والأخير.
اليوم الوفاق تتحدث عن حوار، يدافع متحدثوها عن موقفها ويقولون بأنهم لا يضعون الشروط أبداً بل الدولة هي التي “تتشرط”!
تتحدثون وكأن غيركم من وضع شروطاً تعجيزية لمبادرة ولي العهد، بل تتحدثون وكأن غيركم الذي انسحب من حوار التوافق الوطني الذي دعا له جلالة الملك.
يتردد اليوم بأن واشنطن التي تلعب دوراً محورياً في أحداث البحرين عبر سفارتها في المنامة قد اجتمعت مؤخراً مع الوفاقيين وبحثت معهم أفضل السبل للملمة الوضع، وأن الاتفاق كان على ألا تمارس الوفاق مزيداً لحرق الذات وخسارة لما تبقى من مكاسب، بالتالي التوجه للقبول بالتحاور مع الدولة وبقية مكونات المجتمع البحريني أقلها لتتحصل الوفاق على ما تحفظ به ماء وجهها الشخصي، في جانب آخر التوجيه يأتي لعدم تفكير الوفاق مجدداً بالإساءة لرمز وطني كبير هو رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، كون استهدافها الصريح له ولمنصبه جعل كل مكونات المجتمع تقف في موقف المواجهة دفاعاً عن رموزها الوطنية.
اليوم عليكم تحديد موقفكم بصراحة، هل تريدون العيش في البحرين بهذه الصورة؟! هل تريدون التباكي وتشغيل اسطوانة مشروخة في الخارج باتت لا تفيد ولا تؤثر، ترتكز على أكاذيب صريحة على رأسها “إخراجكم” من البرلمان رغم أن الحقيقة تكمن في أنكم أنتم من استقال من البرلمان، إلى غير ذلك من تصرفات وأقوال وأفعال تبين التناقض وتكشف التخبط في الحراك وتنضح بالكذب.
التخبط موجود لأن النتيجة لم تأت بحسب ما يريدون، عملية الانقلاب فشلت، والبحرين بقت في مكانها، لم تتحول إلى ولاية تتبع المرشد الأعلى، ولا دولة يحكمها الولي الفقيه، بل الوفاق كتبت على أتباعها بالعيش في “عزلة” عن بقية مكونات المجتمع، كتبت على الناس أن يوصفوا بالخيانة وبيع الوطن بناء على عمليات الحرق والتخريب إضافة لممارسات التسقيط وتشويه صورة البلد في الخارج.
حتى إن كانت واشنطن وقفت معكم في وقت سابق مدافعة عن ممارساتكم معتبرة أن الإرهاب الذي تمارسونه والتحريض الطائفي والخطاب العنصري ما هي إلا عملية تعبير عن الرأي، فإن ما مضيتم إليه أوقع البيت الأبيض نفسه في حرج كبير، خاصة حينما تقارن أفعاله وسياساته الخارجية في بقاع شتى مع خطابه المتعاطف مع الإرهاب في البحرين.
كانت الوفاق تقول عند الكلام عن أي حوار بأن لديها شروطاً وشروطاً، وأنها لن تتنازل، واليوم نسمع خطاباً آخر لا يتضمن حديثاً عن شروط وضمانات، بل يتهم فيه الدولة بأنها هي صاحبة الشروط. سبحان مغير الأحوال!
ليست الوفاق هي القضية هنا، بل هي باتت كالكيان المهترئ من كل جانب، أصبحت جهة تستجلب غضب كل الأطراف واستيائهم، فمن استعداء الأطراف المناهضة التي ترى فيها منفذة لمخططات إيرانية، وصولاً إلى استياء شارع اندفع اندفاعاً جنونياً وراءها مصدقاً وعودها بإنشاء “جنة الوفاق في البحرين” مشحون اليوم بنظرية “خداع” قائمة على أنه بالفعل استغل استغلال الأدوات في الحروب بالتالي هو الخاسر وليست هي.
تريدون العودة للبرلمان؟! نعرف ذلك تماماً، ونعرف بأنكم لن تعودوا بأنفسكم، بل تتوسلون وساطة أمريكية بالخصوص وتوصية تقول للدولة بما معناه أن “أرجعوهم للبرلمان”.
تريدون استعادة مكاسبكم التي تخليتم عنها؟! نعرف ذلك تماماً حتى عندما ألقيتم باستقالاتكم من البرلمان، لكنكم تريدون شيئاً يعيدكم دون أن تقولوها بلسانكم.
هم يريدون حفظ ماء الوجه بأي طريقة، يقولونها صراحة للنظام بأن امنحونا شيئاً لنمتص به غضب شارعنا، رغم إدراكهم بأن شارعهم انفض أصلاً من حول خطاباتهم الكلامية وباتت فلول منهم تعمل وفق رؤية التيارات المتشددة متمثلة بشعارات حادة على رأسها شعار حركة حق غير المرخصة “شرعية الحق لا شرعية القانون”.
إن كانت الدولة ستمنح الوفاق فرصة جديدة، وإن كان ذلك سيكون نتاجاً لتدخل الأمريكان وسعيهم لـ«عقلنة” خطاب وأفعال الوفاق بمنحهم ضوءاً أخضر للدخول في حوار غير مشروط، فإننا نذكر هنا التيارات الباقية في هذا البلد، نذكر المكونات الأخرى بأن كل ذلك لا يجب أن يأتي على حسابكم. من آثر النوم وشبع في نومه بعد أن أثار الغبار منذ شهور، نقول له “صح النوم”، انهضوا وتحركوا فلن يفيد أبداً البكاء على اللبن المسكوب إن تركت الساحة هكذا. بقي أن نسجل اليوم موقفاً واضحاً يصدر من الوفاق، وهي التي عودتنا على تقلب المواقف بناء على ما يصدر من إيران، والشواهد عديدة، هل سيتمثل حزب الله البحريني بما يقوله الوسطاء الأمريكان؟! بل السؤال الأكثر أهمية، هل ستأخذ الوفاق برأي الأمريكان إن كان للإيرانيين رأي مغاير؟!
قلتم بأنكم تطلبون الحرية؟! طيب أطلبوها أولاً من الأمريكان ثم الإيرانيين بعدها تعالوا لتطلبوها من البحرين التي أعطتكم الحرية المطلقة منذ زمن طويل جداً.