رغم أنه كل وفاة لبحريني هي وفاة مأسوف عليها، وكل روح هي عزيزة علينا وكل وفاة هي خسارة للوطن؛ إلا أنه بالمنطق بالعقل بالحسبة العدلية كيف يتساوى من خرج من منزله حاملاً أداة للقتل مع من قتل وهو يحاول منع أو ردع هذه الأداة وحاملها؟!
في أي شرع يتساوى حامل أداة القتل والبادئ بالاعتداء مع من يحاول منعه وردعه؟ في أي قانون؟ في أي ملة؟
نحن لا نقبل بالظلم، ومن قتل ومات تعذيباً نعتبره في عداد الشهداء، فهؤلاء حتى وإن كان قد قبض عليهم أثناء أحداث العنف والإرهاب إلا أنهم أبرياء حتى تثبت إدانتهم، وماداموا رهن الإيقاف فهم عزل، هذا منطق عدلي لا علاقة له حتى بأسباب القبض وأسباب الإيقاف أو الحبس أو السجن، فالتعذيب عقوبة بحد ذاتها غير إنسانية ولا يقرها دين أو مذهب أو ملة، ولابد من الإقرار بذلك شاء من شاء وأبى من أبى.
وحتى الذين لم يموتوا بل تعرضوا للتعذيب نحن نقف معهم ومع تظلمهم، فالله لا ينصر من يسكت عن الظلم ويتغاضى عنه لمجرد أن الظالم من فئته أو من جماعته.
إنما من يموت أثناء صدامه مع الأمن وهو حامل لأداة قتل فلا يمكن مساواته مع موت رجل الأمن الذي من مهامه بل ومن واجبه ردع المخرب أو القاتل، فلا يخرج من بيته من يحمل أداة قتل إلا ويجوز ردعه بكل الوسائل المتاحة.
من يموت وهو يزرع المتفجرات ليس كمن يموت وهو يحاول تفكيكها، كيف يتساوى من يحترق وهو يصب الزيت ويشعل الحريق مع من يحاول إظفارها؟
كما إنه ليس هناك منطق في الدنيا يجيز العنف للقاتل ولا يجيزه للرادع، إن المنطق السليم يعطي الحق في ردع العنف حسب خطورة الأداة المستخدمة وبالنسبة لكم كل تلك الأدوات التي نشاهدها ويراها العالم مجازة أو مفبركة أو عادية أو طبيعية. فالقاتل عندكم يجوز له استخدام العنف، أما الرادع فلا يجوز له؛ أي منطق هذا؟
حتى الدخان ميزتم بينه؟ فدخان الإطارات الخانق بالكربون حلال، ولا يخنق ولا يسبب أمراضاً ولا يسبب سرطانات، ولا يؤدي لموت من به ربو أو أزمات في التنفس، أما الغازات المسيلة للدموع فهي حرام وخانقة!
من المؤسف أننا نتجادل في مسلمات تم غسل أدمغة هذه الجماعات وإعادة برمجتها لتميز بين عنف وعنف وبين جرحى وجرحى وإصابة وإصابة وموت وموت، حتى الشهادة هي حصر وقصر على أبناء مذهب معين، فلا تجد ذكراً لكل القتلى والجرحى من رجال الأمن أو من المدنيين في خطابهم، فهؤلاء يختفون عن بصيرة بعض الجماعات فلا يرونهم ولا يسمعون بهم ولا يعترفون بموتهم أو بآلام أهلهم، أي عنصرية هذه التي تم زرعها في نفوسكم؟
فلا المعمري موجود ولا رانيا وابنها عبدالله موجودين ولا السردي موجود ولا أحمد الظفيري موجود، ولا كاشف ولا فاروق ولا المريسي ولا عشرات الأجزاء التي بترت من أجساد البعض، ولا مئات الإصابات بين رجال الأمن، كل هذه الأسماء وغيرها هي شخصيات كارتونية لا تتنفس ولا تموت ولا تتألم، فلا تجد اسم أحدهم في أي بيان أو أي تغريدة أو أي خطاب علني أو مقال صحافي.
الشتم والسب والتسقيط يعد حرية تعبير حين تقولونه، ويرفع من يقوله على الأكتاف ويهتف باسمه وتقام له الاحتفالات، وذات الألفاظ تعد إهانة حين تقال ضدكم.. ما لكم كيف تحكمون؟ ما لكم كيف تحكمون؟