جاءت مباراة إسبانيا وإيطاليا عكس كل التوقعات وفاجأت الجميع بمستواها حيث كانت لحد الآن الأمثل كقيمة فنية، فامتازت بزخمها التكتيكي، ورغم الأرضية الجافة التي سببت بعض العوائق في أسلوب لعب اللاروخا الإسباني الذي يعتمد على التمريرات القصيرة، ولكننا لا نختلف بأننا شاهدنا مباراة جميلة فنياً وبدنياً. بدأ المدرب الإيطالي برانديلي بنفس تجربة مدرب اليوفي كونتي الذي فاز بالدوري هذه السنة 3-5-2، كان القرار مهماً بعد عمليات الاستبعاد بسبب الفضائح الأخيرة والتي وقع بعض من لاعبي الأزوري في فخها، وبنظري فهو فاز معنوياً أكثر مما خسر في هذا اللقاء، فعندما تفوز على منتخب فيه هذه الجودة من اللاعبين فهذا هو فوز معنوي هام جداً، المنتخب الإيطالي كان منضبطاً تكتيكياً لدرجة أنه في بعض الأحيان أجبر تشافي وإنيستا للعودة إلى خلف منتصف الملعب لاستلام الكرات، نعم بيرلو عانى في بعض من الفترات بوجود أفضل لاعبي الارتكاز بالعالم «بوسكيتس وألونسو»، ولكن تشيزاري قدم مباراة متماسكة المستوى بالتزام تكتيكي وبخبرة أغلب نجوم الأزوري. المنتخب الإسباني بدأ بتكتيك بيب غوارديولا مدرب برشلونة السابق حيث أشرك سيسك فابريغاس كمهاجم وهمي، ولكنه عانى في الوقت ذاته من هذا القرار، ففي برشلونة أغلب المدافعين ينشغلون بنجم الفريق بميسي وينسون بدرجة بسيطة سيسك المهاجم الوهمي، ولكن الطليان لم يركزوا على سيلفا ولا على إنيستا بقدر ما كانوا يشاهدون فابري على شكله الحقيقي، فأغلب اللقاء كان سيطرة إسبانية شبه مطلقة، أكثر ما كان مميزاً هو الرسم التكتيكي الهجومي للإسبان، حيث شكل الفريق مثلثاً معكوساً رأسه بيكيه وراموس ووتره أطراف المنتخب من خط وسط ومهاجمين وهذا ما يناسب اللعب الشامل الحديث، اللاروخا كان مميزاً حتى دفاعياً بخلاف الهدف حيث كان يشكل طوقاً دائرياً بعد دخول الطليان على الأطراف بعد منتصف ملعبهم، ديل بوسكي افتقد للمهاجم التقليدي لعدم جاهزية سيسك، فاحتاج للعب التقليدي لأن الأخير عطّل كثيراً مهمة ترجمة الاستحواذ لهدف. التعادل يخدم المشاهد أكثر، لأنه سيخلق الحوافز في المنتخبين وسينشره كانتشار النار في الهشيم لاحقاً بل سيكون الفوز هو هدف المنتخبين في مبارياتهم القادمة، بحثاً عن خطوة جديدة لاكتشاف هويتهم التي فقدت جزءاً بسيطاً من صيتها من جديد!