بصراحة.. غير معقول هذا الذي يحدث، يتم استدعاء فلان لسؤاله عن تصرف ما قام به أو كلاماً قاله أو كتبه، فيتم حجز شوارع وحرق إطارات وتعطيل حياة الناس، يتعرض علان لموقف ما يمكن أن يتعرض له أي إنسان فيحجز لبضعة أيام فيتم ممارسة السلوك نفسه والتنادي والانتقام من الأبرياء ممن لا علاقة لهم بالموضوع بتعطيل حياتهم بحجز الشوارع وتفجير السلندرات.. وبالطبع بحرق الإطارات! التفسير المقبول لما يجري هو أن القصد هو البحث عن “علثة” لفعل ذلك، وهذا يعني أنه لو لم يتم استدعاء فلان ولا حجز علان لتم الاحتجاج بأي حجة لممارسة ذلك السلوك، وهذا أمر لا يمكن لأي حكومة في العالم أن تقبله ولا يمكن لها إلا أن تمنعه وتحاربه. على مدى الفترة التي عانت فيها البحرين ما عانت لم ينسب إلى الحكومة أنها قالت إن الناس لم يخرجوا من أجل لا شيء أو أنها قالت إنها ترفض الإصلاح الذي هو غاية الجميع . إن ما ترفضه الحكومة هو تلك الممارسات الغريبة على البحرين وأهلها وتلك المطالبات عالية السقف كإسقاط النظام، وفي الحالتين للحكومة كل الحق لتتخذ ما يمكنها اتخاذه من إجراءات، فالممارسات التي تعطل حياة الناس وتسعى لإحراج الحكومة والتقليل من شأنها لا شك أنها تتخذ منها موقفاً وتواجهها بالقانون، والمناداة بإسقاط النظام يعطي الحكومة الحق أن تدافع عن نفسها، فليس في العالم سلطة يمكن أن تقول لمن يريد إسقاطها (يا هلا ومرحبا.. تفضل)! حتى على مستوى الأفراد؛ لا يمكن للفرد أن يسلم ما في يده من سلطة مهما صغر شأنها لمن يريد أخذها منه، فهو يدافع عن نفسه بل يستميت في الدفاع عن سلطاته، ولا يمكن للموظف أن يتنازل عن سلطاته للآخرين وهو يستدعي كل قدراته وخبراته ليمنع ضياع تلك السلطة.. الأمر نفسه ينطبق حتى على الأزواج في بيوتهم، فكل واحد منهما يستميت في الدفاع عن سلطاته بل يحاول أن يوسع منها، فكيف يمكن أن يكون الحال مع النظام؟ كيف يكون الحال مع من يمتلك سلطة إدارة دولة وقيادة شعب؟ أبداً ليس من المنطق أن تسلم السلطة الراية لمن يريدها لمجرد أنه قال إنه يريدها أو أنه يرى أنه لا بد من إحداث تغيير، وإلا تكون غير مستأهلة لها. من بيده السلطة في أي بلد لا يمكنه أن يسلمها لمن يريدها ومن حقه أن يدافع عنها وعن نفسه، وهذا أمر طبيعي، وبالتالي فإن من حقه أن يستدعي من يشاء وأن يطبق القانون ويحاسب ويحاكم ويمارس كل سلطاته، وهو في وضعه هذا لا يمكنه القبول بتلك الممارسات الرافضة لتصرفاته والتي لا يتوانى أصحابها عن تعطيل حياة الناس والسعي إلى تخريب سمعة السلطة بكرة وأصيلا. من هنا فإن ما يحدث في الشارع اليوم أمر غير معقول وغير مقبول، لا من الحكومة فقط ولكن أيضاً من المواطنين الذين يتضررون من تلك الممارسات غير المسؤولة، ولعل أقرب مثال على هذا ما حدث يوم الجمعة الماضية في شارع البديع، حيث تسبب المتظاهرون في تعطيل حياة الناس وتعريضهم للخطر وتضررهم بطريقة أو بأخرى، وهو أمر لا يجوز شرعاً وقانوناً، ويكفي النظر إلى أصحاب المحلات التجارية وهم في ذلك الشارع كثر وأغلبهم لا يعطل يوم الجمعة لارتباط تجارتهم بخدمات أساسية لا يستغني الناس عنها وحساب خسارتهم التي صارت تتكرر. ما يحدث غير مقبول أبداً ولا بد من وضع حد له، فالضرر صار يمس الناس مباشرة.