درسنا في الجامعة قبل نحو 16 عاماً أن من ثوابت السياسة الخارجية الإيرانية في مرحلة الشاه أو مرحلة النظام الثيوقراطي الحاكم في طهران السعي نحو إنتاج القنبلة النووية، وهذه الحقيقة أثارت جدلاً دولياً واسعاً بشأن أنشطة إيران النووية ومدى سلمية مشروعها النووي، ومازال هذا الجدل قائماً حتى الآن، ومن المستبعد أن يتم حسمه قريباً. قبل أيام أعلن مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية الدكتور علي نوري زادة، أن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي لديه حلم واحد هو إنتاج القنبلة الذرية لأنه يعتقد أن قنبلة ذرية واحدة تضمن استمرارية ولاية الفقيه والثورة الإيرانية لنحو ربع قرن مقبلة. وعليه فإن طهران تتطلع لاستمرار نظامها الثيوقراطي الحاكم من خلال امتلاك السلاح النووي، وهي تعتقد أن امتلاكها لهذا النوع من الأسلحة سيعطيها قوة عسكرية غير تقليدية من الصعوبة بمكان محاولة تغيير النظام السياسي فيها. كيف نقرأ مثل هذه المعطيات بحرينياً؟ في ضوء هذه المساعي المبذولة من طهران لامتلاك السلاح النووي، فإنها بالمقابل تتبنى مبدأ تصدير الثورة ومبادئ ولاية الفقيه تجاه دول الجوار، ومن بينها طبعاً البحرين. وما يؤكد ذلك الأحداث التي شهدتها المنامة منذ مطلع العام الماضي وقبلها بذلك أحداث كثيرة. مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية الدكتور علي نوري زادة يؤكد تورط طهران في “دعم ومساندة حركة التمرد الحوثية في محافظة صعدة ومساعدة الحوثيين والمظاهرات في البحرين من خلال مدها لهم بالأسلحة التي يستخدمها الحوثيون حالياً ضد المواطنين وأفراد الجيش والأمن ويسخرونها لإقلاق السكينة العامة وضد الاستقرار في المحافظة والبلاد عموماً”. مشيراً إلى أن هناك مصالح استراتيجية للحكومة الإيرانية من الأحداث التي تدور باليمن والبحرين. المصالح الإيرانية الاستراتيجية التي يراها الدكتور زاده تتمثل في كيفية تغيير النظام السياسي البحريني من خلال دعم أنشطة تنظيمات ولاية الفقيه في المنامة، والدعم هنا يكون بالسلاح أو بالتدريب أو حتى بالتمويل. وهذا ما يفسّر إصرار الحكومة الإيرانية على مواجهة الدولة البحرينية وإن تطلب ذلك تدهوراً في العلاقات البحرينية ـ الإيرانية. بالتالي لا يتوقع تراجع طهران على المديين القصير أو المتوسط عن أجندتها لتغيير النظام السياسي في المنامة من خلال دعم خلاياها في البلاد أو التدخل في الشؤون الداخلية للدولة. وهو ما يتيح بحث كافة البدائل والخيارات التي تتطلب إعادة النظر في العلاقات الدبلوماسية البحرينية ـ الإيرانية وإن تطلب ذلك قطعها كما حدث في الماضي.