ليس لي الحق بفرض رأيي على أحد، وليس لأحد أن يفرض رأيه عليّ، لكني من واقع المعايشة والتجربة أجد أن ما تفعله جمعيات بمبادرة من تجمع الفاتح لإلقاء طوق النجاة لمن قتل وأرهب وحرق الحرث والنسل مبادرة ليست في وقتها وغير مقبولة أن يفعل تجمع الفاتح هذا دون تفويض من جماهيره. يؤسفني كثيراً أن يلهث خلف الحوار من يقع عليه الإرهاب ومن اكتوى بناره، بينما اليوم المأزق هو مأزق جمعية رعاية الإرهاب «الوفاق»، فهي من تعاني الأمرّين جراء تحول المواقف الدولية وفشلها الخارجي الكبير، وبعد أن ابتعد عنها الكثير من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة جراء مراهقتها السياسية وتسبب «الوفاق» في الأزمات النفسية والمادية والسياسية لأهل القرى. من يطرح مبادرة الحوار اليوم هو من يلقي بطوق النجاة للقتلة والإرهابيين، بينما الإرهاب لن يتوقف حتى مع الحوار، وعندها سوف يعودون لمعزوفتهم القديمة التي يرددونها سابقاً، «ليست لدينا إرادة على الشارع»..!! الحوار مع من يكوي البحرين بالنار كل يوم هو اعتراف بأحقية القتل والإرهاب لتحقيق المطالب، وذلك حين يأتي الحوار من خلال فرض الإرهاب على البحرين فتأتي الدولة أو جمعيات أُخرى لتقول لنتحاور مع الإرهابيين وهذه كارثة حقيقية. ليسمح لي الشيخ عبداللطيف آل محمود أن أختلف معه في الرأي وقد تبادلت معه أمس «المسجات» تعقيباً منه على عمود أمس، فأي حوار مع القتلة هو تقديم هدية كبيرة على حرق البحرين من خلال طاولة الحوار، وهذا لا ينبغي أن يحدث. «الوفاق» في أزمة مريرة، سوريا بإذن الله سوف تقع اليوم أو غداً، وهذا مؤلم جداً لأتباع إيران من الصفويين في البحرين وخارجها، بل وسوف تكون له تبعات كثيرة، فلماذا نقدم قارب النجاة للإرهابيين في هذا التوقيت؟ ما نطلبه اليوم هو فرض القانون على الجميع، ما نطلبه اليوم أن يتحقق الأمن بفرض القانون، وليس بمنحة من «الوفاق» وأتباعها، الأمن لا تمنحه لنا جمعية إرهابية، بل الأمن مسؤولية دولة ومسؤولية مجتمع في محاربة الإرهاب. من يأخذ من «مطالب» بالحوار بعد أن أجبرك على الطاولة من خلال الإرهاب، سوف يعود غداً ليفعل ذات الفعل، يحرق البلد ويقول لك لدي مطالب، واللعبة منذ التسعينات لم تنتهِ، ألم يفهم بعد تجمع الوحدة وبعض الجمعيات اللعبة؟ اللافت أن الشيخ آل محمود رفض الحوار سابقاً، واليوم هو من يكون صاحب المبادرة لإنقاذ «الوفاق» من أزمتها، وهذا لم نكن نتمناه من الشيخ ومن «التجمع». من هنا وحتى شهر سبتمبر بإمكان أمور كثيرة أن تحدث، وفي سبتمبر قد يكون هناك خبر حول الاتحاد، وهذا أيضاً قاصمة ظهر لـ «الوفاق» وأذناب إيران، فلماذا نقدم لهم الهدايا منذ الآن على طاولة الحوار؟ قلت إني لا أملك أن أفرض رأيي على أحد، لكني أطرح تصوراً أجده في عقل وقلب الكثير من أبناء البحرين، الحوار اليوم هو هدية عظيمة لـ «الوفاق» وهي في أزمتها. هؤلاء لو أنهم كانوا يحبون البحرين ويملكون حساً وطنياً لقبلوا بمبادرة سمو ولي العهد والبحرين في أزمتها، رفضوها يا شيخ آل محمود وأنت تعلم أنهم كانوا يريدون الحكم وليس الإصلاح وليس الحوار. رغم ذلك تمت دعوة «الوفاق» للحوار الوطني، وأنت أيضاً شاهد، وقد انسحبوا لأن مشروعهم ليس له أرضية في الحوار الوطني الذي ضم أطياف الشعب. لم أفهم توقيت المبادرة من الشيخ عبداللطيف آل محمود، التوقيت خاطئ بامتياز، خاصة وأن الأمن في البحرين يتحسّن نسبياً، وقد شعرنا «نسبياً» أن الداخلية أخذت زمام المبادرة بفرض القانون، وهذا لم يكن لـ «الداخلية» أن تفعله لولا أن هناك قراراً بذلك من جهات عُليا، رغم أن ذلك أيضاً غير كافٍ. حتى المبادئ الـ9 التي طرها الشيخ آل محمود نقول هذا ليس وقتها، أنتم من تقدمون الإنقاذ لمن قتل وأرهب، أنتم من تجعلون الإرهاب والقتل أداةً لتحقيق مطالب مزعومة غير متوافق عليها بل مطالب فئوية، وما هي إلا تمهيد للاستيلاء أكثر على البحرين. يؤسفني أن تنطلق المبادرة لإنقاذ «الوفاق» من تجمع الفاتح، إنها كارثة في تقديري ولم نكن نتوقعها ممن رفض الحوار سابقاً.