بسيطة هي الحياة، ورغم ذلك فيبقى المال عصبها والمتحكم الأول في شتى دوائرها، وعلى الإطار الرياضي نرى عديداً من الفرق التي تستند على ملايين مالكها، ولربما يخلّف ذلك أثراً إيجابياً ولكنه بذات الوقت له آثار سلبية خفية.
فرضت الملايين شخصيتها وطفرتها بعصر الكرة الحديث، وصلنا لزمن أصبحت الرياضة تتخذ من مذهب الملايين منهجاً تصنيفياً، وهذا واقع؛ مانشستر سيتي يصنف الآن عن سابقه بأنه كان مانشستر سيتي الإنجليزي والآن هو مان سيتي الشيخ منصور، ملقا كان سابقاً ملقا المغمور والآن أصبح بثوب قطري، ريال مدريد أصبح يصنف “اقتصادياً” بأنه ريال فلورنتينو.
في الحياة ككل لا يوجد دخيل بدون تأثيرات سواءً جانبية أو كلية، ولكن ملايين العصر الكروي الحديث باتت بسطوتها عالماً متفرداً خاصاً، فالأندية باتت منقسمة كانقسام الحرب الباردة، أندية غنية وأندية متقدمة، فلا وجود للأندية النامية في العصر الحديث سوى في الدول العربية، وللحديث عن التأثيرات فالأندية بإمكانها أن تقدم كثيراً من الأمور إذا أُخذت المسألة من الزاوية الإيجابية، تستطيع أن تقدم وترفع من مستوى اللاعبين، تستطيع أن تبني فريقاً مغموراً وتزيد من أسهم الدوري كالسيتيزين مثلاً.
مانشستر سيتي قدّم بالأمس 4 لاعبين من فريقه، والسؤال هل كان يستطيع السيتي أن يزرع هذا الكم قبل عهد الشيخ منصور، ملقا تأهل لدوري أبطال أوروبا الموسم القادم بفضل الملايين التي ضخت في النادي، نيوكاسل والذي استفاد من صفقة كارول لليفربول وتعاقد مع نخبة من اللاعبين أوصلوا الفريق لصفوة فرق الدوري بعد الصعود من الدرجة الأولى، يجب أن تكون اقتصادياً محنكاً في الرياضة وإلا ستسقط في فخ الإعلام الدامس، ففريق كمونبيلييه والذي قدرت ميزانيته بأقل من نصف ميزانية باريس سانت جيرمان الضخمة تمكن من الفوز بالدوري.
الملايين بإمكانها أن تسطع نجم ناديك وبإمكانها أن تغرقك في عراقيل الديون، لعبة التعاقدات لا تقتصر على الدفع والاستلام، التعاقد بحاجة لنبض قوي وخبرة عتيدة في الاقتصاد الكروي الذي بات يحرك منتخبات ويعصف بأخراها، يمّجد لاعبين ويدفن آخرين منهم بتغلبه على سلاح الإعلام، لاعون كثر تعاقدت معهم الملايين ولكن سعرهم كان أغلى من مناجم جنوب أفريقيا كرونالدو وزيدان وبوفون، كما تريد الحياة حكمة سقراط فإن الرياضة تحتاج حنكة أرسطو!