زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكية للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل مايكل بوسنر للمنامة الآن ليست بجديدة، إذ سبق أن زارها قبل فترة إثر أزمة فبراير 2011، ولا أعتقد أنه استطاع أن يحقق إنجازاً فيها على مستوى حماية المصالح الأمريكية، أو على مستوى تعزيز العلاقات البحرينية ـ الأمريكية تماماً. بالإضافة إلى ذلك أعتقد أن بوسنر أدرك جيداً درجة تعقيد الوضع المحلي، وصعوبة التدخل الخارجي في هذا الوضع المتفاقم.
الآن زيارة بوسنر تثير جملة من التساؤلات، أولها أنها زيارة غير معلنة عنها بخلاف زيارات سابقة كانت الخارجية الأمريكية تحرص على الإعلان عنها والتسويق لها، وتهيئة الرأي العام المحلي والدولي لها. فهل مثل هذه الزيارة مختلفة ولذلك لم يتم الإعلان عنها سابقاً؟
تساؤل آخر، يتعلق بطبيعة الأجندة التي يحملها المسؤول الأمريكي بوسنر في زيارته الحالية للمنامة، فهل يحمل أجندة سياسية جديدة؟ أم هل سيحاول الضغط على الحكومة البحرينية لتحقيق أجندة معينة أو القيام بسلوك محدد تجاه الأوضاع المحلية؟ أيضاً هل سيقوم بوسنر بوساطة بين مختلف الفرقاء السياسيين في محاولة للتوفيق بين آرائهم؟
عادة ما تكون فترة الزيارات الرسمية للمسؤولين الأجانب لا تتعدى 48 ساعة، ولكن المفاجئ أن زيارة بوسنر ستستمر حتى أربعة أيام، في دلالة على أهميتها، وحجم الأجندة والفعاليات التي يتطلع هذا المسؤول للقيام بها.
أيضاً من الاستفهامات المهمة؛ من هي الجهات التي سيلتقي بها بوسنر؟ هل سيكون كسابقه الأخير الذي التقى ما أسمتهم السفارة الأمريكية بـ (ممثلي المجتمع المدني)، وهم في الحقيقة ممثلون عن المعارضة الراديكالية بمختلف اتجاهاتها؟ وماذا سيدور في أروقة هذه الحوارات؟ هل مجرد تبادل وجهات النظر؟ أو الاتفاق على خطط معينة للفترة المقبلة؟
كل هذه الاستفسارات موجهة للمسؤول الأمريكي، ولن نوجه أسئلة للدولة أو الحكومة تتعلق بسبب استقبال هذا المسؤول، فهو أمر بروتوكولي نؤمن بأهميته وضرورته من أجل فهم أعمق بين المنامة وواشنطن. ولكننا سنثير بعداً آخر في القضية، وهو موقف الجماهير البحرينية من هذه الزيارة في ظل الاتجاهات السائدة والمعروفة لدى الرأي العام المحلي.
الاتجاهات السائدة إذا كانت غائبة عن البعض فإنها بحاجة إلى تذكير، فالسُنة ينظرون إلى الأمريكان بأنهم يحاولون تغيير النظام السياسي لصالح تمكين تيار ولاية الفقيه والمعارضة الراديكالية من الحكم. بالمقابل فإن الشيعة ينظرون إلى الأمريكان بأنهم لا يدعمون الحريات وحقوق الإنسان ودعاة الديمقراطية في المنامة تماماً. ولا يمكن تجاوز هذه الحقيقة عندما نحاول فهم الخطوات التي يقوم بها مساعد وزير الخارجية الأمريكية للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل مايكل بوسنر في البحرين.
{{ article.visit_count }}