تغريدة لافتة في “التويتر” نسبت إلى جمعية الوفاق تقول “اعتقال رجب مؤشر على حجم الاستهتار الرسمي بالنداءات الدولية”، والمعنى كما هو واضح هو أن حجز أو اعتقال نبيل رجب المعروف في الخارج أنه “حقوقي” وله علاقات واسعة مع العديد من المنظمات الحقوقية العالمية “مؤشر” على أن الحكومة بالغت في الاستهتار بالنداءات الدولية بإطلاق سراحه وشطب كل قضية ضده، فهذا الرجل -كما يفهم من التغريدة- يجب ألا يمس وأن تحمله الحكومة دائماً على كفوف الراحة كي لا تزعل المنظمات الدولية منها!
لكن اللافت أيضاً أن تلك المنظمات الدولية رفعت عقيرتها ونادت بإطلاق سراح رجب دون أن تكلف نفسها حتى السؤال عما ارتكبه من أخطاء ومخالفات وما رفعت ضده من شكاوى من الآخرين الذين تضرروا منه ومنهم الأهالي الذين تناولهم بالسوء في تغريداته، وهذا يعني أن تلك المنظمات تعتبر في قرارة نفسها أن كل ما يقال عن نبيل رجب هو محض ادعاء من السلطة، بالمقابل فإن كل ما تقوله السلطة ضد رجب ومن معه باطل ولا يستدعي حتى الاستفسار عنه، وهذا أمر غير مقبول من جهات تعتبر نفسها حقوقية.
ما ينبغي أن تعرفه تلك المنظمات التي “سنت“ “أسنانها لتدافع عن نبيل رجب هو أنه لا يتوانى عن سب وشتم كل من يحضر في باله في اللحظة التي يجلس فيها أمام جهاز الكمبيوتر، وأنه لا يفرق في ذلك بين الناس وصولاً إلى القيادة؛ التي سبق أن أشبعها شتائم لا يرضى بها أي بحريني حتى وإن كان موقفه من السلطة سالباً، لأنه يشعر أن ذلك تجاوز للعادات والأعراف والأخلاق البحرينية، ولأنه يعرف أن نبيل رجب نفسه لن يقبل من أي شخص أن يتناول عائلته بمثل ما يتناول به الآخرين.
ترى هل تقبل تلك المنظمات التي سارعت بإعلان تعاطفها مع رجب أن يتناولها أحد بالسوء بغض النظر عن الأسباب؟ هل يقبل المسؤولون بتلك المنظمات أن يرمون بالكلام البذيء بحجة أنه حرية تعبير؟ إن الخطأ الكبير الذي تقع فيه تلك المنظمات أن لديها بيانات جاهزة تصلح لكل زمان ومكان تخرجها ساعة أن تشم خبر تعرض أحد المحسوبين عليها بشكل أو بآخر لإجراء قانوني دون أن تسأل عن الجرم الذي اقترفه.
لا يمكن للحكومة أن تحيل مواطناً للنيابة العامة هكذا دون أي سبب، ولا يمكن أن تقبل من أي مواطن أو مقيم ممارسة خطأ في حقها أو في حق الآخرين، ولا يمكنها القبول بالتجاوز من قبل أي فرد، لذا فإن من حقها أن تطبق القانون على نبيل رجب وغير نبيل رجب، ومن حقها أيضا ألا تستجيب للنداءات الدولية التي تصدر عن جهات لا تتردد عن إصدار البيانات المنحازة لطرف ضد طرف دون أن تكلف نفسها عناء السؤال عن أسباب مثل هذا الإجراء.
إن إحساس البعض بأن وراءه منظمات دولية ستسارع بإصدار البيانات المؤيدة له والمضادة للسلطة، وعلمه أنها ستبذل كل ما يمكنها من ضغوط كي يفرج عنه لو تم احتجازه حتى لأسباب واضحة، هذا الإحساس والعلم يجعل هذا البعض يتمادى في سكرته وأفعاله ويتجاوز دون تحفظ كل الأعراف والتقاليد والعادات.. ويتجاوز كل الصحيح.
الانتماء للمنظمات الدولية لا يعطي حق التعدي على الآخرين وحق الوقوع في الخطأ ولا يوفر حصانة. فالقانون في البحرين يطبق على الجميع ولا يمكن لتلك المنظمات أن تثني الحكومة عن اتخاذ القرارات المناسبة في حق المتورطين في الإساءة إلى الآخرين، ولا يمكن للناس بمختلف فئاتهم أن يقبلوا بتجاوز الآخرين لأنهم منتمون إلى منظمات دولية.