لسبب لا نعلمه -ويمكننا أن نخمنه- علي سلمان يرد متأخراً على كلام المشير خليفة بن أحمد العام الماضي إبان الأزمة ويقول إن لدى هذا الشعب قوة لم يستخدم نصفها، وإن فتوى شرعية واحدة تجعل عشرات الآلاف يلقون بأنفسهم في التهلكة، أو على حد قوله يقدمون أنفسهم للشهادة، أي شهادة وأنت تهدد وترهب بتفجير نهر من الدماء وتمن على شعب البحرين أنك أمسكت زمام جيشك عن سفك الدم وتحويل بلدنا لساحة حرب مفتوحة تحركها فتاوى شيوخ العنف والقلاقل والفتن، هم بنفس الفكر والأيديولوجية والأجندة التي جعلت مفتي السفاح الأسد يحل سفك دم أطفال ونساء وشيوخ ورجال تحت رحمته. كلام علي سلمان ليس بغريب؛ فقد تعودنا أن تعلن مبادرات المصالحة والترميم والترقيع جنباً إلى جنب مع دعوات العنف والتهديدات بقلب البلد رأساً على عقب، لأن المساومة مع التهديد والترهيب تكون على أرضية أفضل وهكذا للأسف عودناهم أن يكون الحوار، وأمين عام الوفاق لا يوجه كلامه للمشير بل لأبناء “شعبه” وأتباعه أن كفنوا أولادكم واعدوهم لـ “الشهادة” كما كان قادة الثورة الإيرانية يعدون مقاتليهم بآلياتهم وأسلحتهم المتهالكة للشهادة ويمنحونهم مفاتيح الجنان وهم يخوضون حقول الألغام ليستحيلوا أشلاء، وأنا أعجب لإخواننا في مجتمع علي سلمان الذين هم كما يقولون خيرة شباب البلد والمتعلمين والمثقفين وأصحاب الشهادات كيف يخدعون بهكذا خطاب، خطاب الفتوى والأكفان في حين يقول سلمان نفسه إن مشروعه هو خلاصة التجربة البشرية، أي خلاصة وأي تجربة بشرية، أن تنزل الأطفال للشارع ليحرقوا الوطن ويقتلوا الغافلين ويروعوا الآمين، وما المغدور الشهيد الظفيري عنا ببعيد. علي سلمان يقول لكم على أولادكم أن يموتوا، وهو يرفض دعوات وقف العنف كي لا يفقد ورقة المساومة، وأبناؤكم هم ورقة المساومة، بإمكان الأمين العام أن يوافق على هدنة على الأقل ويأخذ ويعطي ويفتح الباب للوساطات كما اعتاد لكن بنية حقيقية لتجنيب البلد أخطار استمرار العنف، لكنه لن يخسر شيئاً لو استمر هذا الحال للأبد، كل يوم ضحية جديدة من هذه الطائفة أو تلك ولو اشتعلت حرب فهو محصن لن يمسه خدش. نحن ندعو لوقف العنف والانقسام ونصلي كل يوم من أجل ذلك، وسلمان يهدد بإغراق البلد بأنهر من الدم السني والشيعي، نحن نطلب الحق للسني والشيعي على حد سواء وأن تنفذ توصيات لجنة التقصي وتعاد الحقوق لأصحابها وتستقيم أمور بلدنا بالعدل وبسيادة القانون، وهو يريد أن تكون كلمته هي العليا وصوته الأوحد وحوار لا يشمل إلا المكون الذي يعتبره الشعب وإرادة البحرينيين، وبقية المكونات يجب أن تنصاع صاغرة للإرادة التي تحكم بالعنف، هل الكلام الحماسي وجوقة الحرب التي تشجعك ومعادلات الأرقام والنسب والسجال العقيم مع المشير أو غيره سينقذ البلد وسينقذ أحبتك -كما تقول- من سنة وشيعة، حقيقة لا أرى مثل هذا الخطاب إلا فتوى “اسحقوه” جديدة مشبعة برائحة البنزين ومحشوة بالمتفجرات ومشحونة بالكراهية.