فى أواخر العشرينيات من القرن الماضي اقترح الفرنسي هنري ديلانوي أول سكرتير عام للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فكرة إقامة بطولة تجمع المنتخبات الوطنية الأوروبية لتكون شاهداً على الفريق القاري الأفضل .. أثنى الجميع على الفكرة لكنها لم تخرج إلى حيِّز التنفيذ سوى بعد رحيل السكرتير الفرنسي إلى العالم الآخر. ففي عام 1956 تمَّ التخطيط لإقامة البطولة لمنتخبات كرة القدم في أوروبا لتقام عام 1958 على طريقة الذهاب والإياب، ويلعب كل منتخب مباراة في دولته ومباراة في دولة المنتخب الآخر، وفي الدور قبل النهائي يتم اختيار منتخب من المنتخبات الأربعة، المتأهلة ليستضيف المباريات المتبقية. وعلى مر التاريخ للبطولة الممتدة 52 عاماً كانت الاستضافه قاسية على المنتخبات المنظمة، فمنذ البطولة الأولى التي نظمت باستضافة فرنسا لم تستطع سوى ثلاث فرق منظمة من الفوز بمنافسات البطولة، على غرار إسبانيا فى عام 1964 -إيطاليا 1968- فرنسا 1984.. حتى أضحت بطولات كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم واحدة من أصعب البطولات وأهمها في عالم الساحرة المستديرة.. وأصبحت الدول الأوربية التهافت لاستضافة البطولة، التي أصبحت تحتل مكانة لا تقل أهمية عن كأس العالم، من حيث التجمع - وربما تفوق في منافساتها بطولات كأس العالم، ولاسيما أنها تشهد مشاركة مجموعة من أفضل منتخبات العالم، وتخلو بشكل كبير من الفرق الضعيفة حيث تتأهل المنتخبات المشاركة فيها عبر تصفيات قوية وصعبة، لكنها وبالرغم من كل ذلك كانت وماتزال وبالاً على الفرق المنظمة، التى لم تستطع إسعاد جماهيرها بنصر كروي، على غرار الانتصارات المادية التى تُجنى من تنظيم مثل هذه المناسبات الكبيرة. وتشهد البطولة الحالية التي انطلقت قبل أيام بضيافة مشتركة من بولندا وأوكرانيا مشاركة 16 منتخباً يتنافسون على اللقب الأوروبي الأغلى، في القارة العجوز بأفضلية للفرق الكبيرة التى يأتي على رأسها المنتخب الإسبانى حامل اللقب، والمتوَّج بالعرش العالمي - بالإضافة إلى الماكينات الألمانية الصلبة - والفريق الإيطالي العنيد. الفريقان المضيفان بولندا وأوكرانيا قد لا يشذان عن القاعدة التى تقول بأنَّ الفريق المنظم للبطولة ليس من بين المرشحين، حتى بعد المستوى الخرافي الذي قدَّمه الفريق البولندي أمام الروس - والمستوى الرفيع الذي قدمته أوكرانيا فى مباراتها الافتتاحيه أمام السويد. فهل يشد زملاء “شيفشينكو” عن القاعدة ويقود الفريق إلى نصر قد يعتبر خرافي - أو يتمكن البولنديون من مواصلة التألق وتحقيق نصر إعجازي فى زمن ولت انتهت فيه المعجزات..أما تبقى البطولة على إخلاصها فى حرمان المضيف من نصرٍ يشذ عن القاعدة مثلما أفرزته بطولات 1964-1968-1984 فلنشاهد! أحمد العنزور [email protected]