منذ سنوات ونحن نسمع بين حين وآخر عن الخطة الوطنية لكبار السن، والمؤسف أن هذه التصريحات تتكرر في المناسبات دون أفعال على أرض الواقع.
الخطة مازالت كلاماً مكتوبا يراوح مكانه منذ فترة طويلة، وفي طور الدراسة والبحث مع الحكومة لتنفيذها في الأعوام القادمة.
وهنا نطرح سؤالاً هل توفير الرعاية للمسنين بحسب ما ورد في الخطة الوطنية والذي لا يخرج عن نطاق حقوق وخدمات أساسية يحتاجها المسن، يستدعي كل هذه السنوات من التخطيط؟
هل من الصعب تنفيذ الخطة على مراحل؟ والبدء بالأهم ثم المهم، دعونا نتكلم بصراحة، المسن في البحرين إلى يومنا هذا لم توفر له الرعاية التي يستحقها وتليق بالبحرين كدولة من دول الخليج العربي.
دور رعاية المسنين بحاجة ماسة إلى تطوير وتحسين خدماتها وطاقتها الاستيعابية، ناهيك عن ضرورة توفير مراكز لرعاية المسنين في كل المحافظات والذين يحتاجون إلى رعاية نهارية تتمثل في توفير برامج اجتماعية وترفيهية تقيهم الإصابة بالاكتئاب النفسي والأمراض المزمنة الناتجة عن الوحدة والفراغ الذي يعانون منه طوال النهار.
وهنا لا نقصد المسن الذي يحتاج إلى رعاية خاصة، وإنما كل من يدخل سن الشيخوخة ومرحلة التقاعد ويكون بصحة جيدة ولكن طبيعة وظروف هذه المرحلة العمرية لها متطلبات خاصة كلها تدخل ضمن بند رعاية المسن. إلى وقتنا الراهن لم توفر الحكومة الشريحة المحسوبة ضمن فئة المسنين والقادرة على العطاء وبحاجة ماسة إلى مراكز وأماكن ترفيهية واجتماعية.
ويشكل المسنون في البحرين ما نسبته 3.8% من إجمالي السكان وفقاً لأحدث الإحصائيات، ومتوقع أن تصل النسبة إلى 15% عام 2025م. والخطة الوطنية ما هي إلا خطوة أولى في مسيرة الألف خطوة وصولاً إلى توفير حياة كريمة لكل بحريني يدخل مرحلة التقاعد والشيخوخة. ومع أهمية هذه القضية فإن مؤسساتنا الأهلية وحتى الرسمية مازالت بعيدة عن هذه الهموم التي تمس بشكل مباشر شريحة كبيرة من المواطنين.
في الدول المتقدمة توجد القوانين والأنظمة والخدمات المتعددة التي توفرها المؤسسات الحكومية والأهلية القادرة على توفير حياة كريمة لكل مواطن يدخل مرحلة التقاعد والشيخوخة.
وفي عصرنا الحالي لا تشكل حاجة الطعام والرعاية الصحية إلا جزءاً يسيراً من الحاجات الأساسية الأخرى ولا تقل أهمية عن الأولى، فالمواطن الذي يدخل مرحلة التقاعد ويجد نفسه وحيداً في المنزل طوال النهار بسبب انشغال أولاده في أعمالهم وحياتهم، سرعان ما تصيبه الأمراض النفسية والجسدية بسبب شعوره بالوحدة وانعدام أهميته ووجوده في الحياة والمجتمع.
ومهما فعل الأبناء واجتهدت الأسر في توفير الوقت والرعاية، فإن طبيعة الحياة الراهنة وظروفها لا تسمح للأبناء بقضاء وقت طويل مع آبائهم وأمهاتهم ممن دخلوا تلك المرحلة.
وأخيراً وربما الأهم، ما يجب أن تلتف إليه الحكومة وتبذل وزارة التنمية الاجتماعية جهودها في تحقيقه هو توفير دور الرعاية والمراكز الاجتماعية والترفيهية في كل المحافظات لتغطي حاجتها بحسب عدد السكان والمناطق، تلك الرعاية المفقودة التي تتطلب وقفة جادة من المؤسسات الرسمية والأهلية وجهود تنطلق من الجمعيات بكل أنواعها النسائية والاجتماعية والشبابية. فرغم كثرة هذه الجمعيات فإن فائدتها محدودة جداً والكثير منها لا يتعدى كونه اسماً على ورق فقط.
المطلوب ترجمة الاستراتيجية الوطنية للمسنين إلى أفعال واقعية يلمسها المسن في حياته وواقعه البائس المعاش، وأن ننتقل من مرحلة الكلام إلى أفعال حقيقية وأن نبدأ الخطوة الأولى والحقيقية في توفير الحب والرعاية المطلوبين للمسنين بالشكل الذي يليق بالمواطن البحريني وبمملكة البحرين.