قد يكون هذا المقال متأخراً نسبياً، ولكن دماء المظلومين لا تبلى، وجروحهم لا تعرف السكينة في صمت المقابر... من الأساطير الجاهلية التي أبطلها الإسلام اعتقاد العرب أن المقتول إذا لم يُدرك به الثأر خرج من رأسه طائر كالبومة تسمى الهامة، فيصيح على قبره: اسقوني اسقوني فإن قُتل قاتله كف عن صياحه، فهل أدرك القانون قاتل الشاب أحمد الظفيري؟ ومتى ستكف روح الظفير عن المناداة بالقصاص وتطبيق العدالة؟ .
هل هذه دعوة جاهلية للثأر؟ لا،... ولكنها تحريض على القصاص العادل، والأخذ بحق كل مظلوم في هذا البلد قُتل عدواناً، أو جُرح ظلماً، أو أُهدر حقه وكرامته أو هُجّر من منزله دون ذنب غير أنه يعيش وسط فئة تستبيح الدماء وتتاجر فيها دون حياء وأعظم ما تشتهيه هو أن يتقاضى البحرينيون على دمائهم بأنفسهم وخارج مظلة القانون، وهذا هو مخطط الحرب الأهلية غير الخفي الذي يراهنون عليه بعد أن عمقوا الحس الطائفي ونشروا الفوضى وسفكوا الدماء في بلد كان رمزاً للسلام والمحبة والتعايش والأخوة والضيافة.
لم يكن أحمد الظفيري القتيل الأول في حرب الشوارع التي تقودها الوفاق متخفية بأكثر من قناع ومتوارية خلف أكثر من اسم حركي، كانت الأولى زهرة صالح التي قتلت بسيخ حديدي أصاب رأسها وهي عائدة إلى منزلها من العمل، وسبقها في عام 2009 عامل باكستاني هوجمت سيارته في منطقة المعامير بزجاجة حارقة أردته ميتاً حرقاً، وبينهم وقبلهم سلسلة من رجال الأمن والعمال الآسيويين الذين قتلوا حرقاً ودهساً وطعناً بفتاوى الجهاد والسحق والثورة الزائفة، فكم هامة تطير في سمائنا تذكرنا بقتلانا الأبرياء؟ وكم من دم مسفوح يشكو الظلم ويطالب بعدالة الأرض قبل عدالة السماء؟
وإلى أن يأخذ العدل مجراه في محاكم البحرين ويفصل القانون في دماء هؤلاء المظلومين، وحتى تبقى ذكراهم حية، ولا يطمسها المدلسون والمتاجرون بالدماء، وكي يعرف العالم ما يعانيه البحرينيون من ظلم واعتداء وتقتيل أقترح على شباب البحرين تأسيس حركة شعبية باسم “أصدقاء أحمد الظفيري وإخوانه” أصدقاء أحمد الظفيري هم أعضاء الحركة ومناصريهم، وإخوان أحمد الظفيري هم من قتلتهم قوى التأزيم في أحداث البحرين ظلماً وعدواناً، ومن هجرتهم من منازلهم وفجرتها عليهم مثل رانيا زين العابدين والنقيب خميس.
ولتقريب فكرة الحركة وتوضيحها أكثر، ففي تونس تحول الشاب محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه ضيقاً بالظلم والإهانة إلى أيقونة للثورة ضد الفقر والبطالة والمذلة، وفي مصر تحول الشاب خالد سعيد الذي قتل تحت التعذيب على يد أمن الدولة إلى محرك للثورة ضد قانون الطوارئ وتسلط الدولة وجبروتها والتهميش، وفي البحرين سيتحول أحمد الظفيري الشاب الذي قتلته قنبلة انفجرت به وهو يميط أذى الإرهابيين عن طريق البحرينيين المسالمين إلى رمز للوقوف في وجه قوى التأزيم وفضح جرائمهم وكشف مخططاتهم أمام الرأي العالمي، هؤلاء كلهم شباب بسطاء غير ناشطين وغير مسيسين عاشوا على هامش الأحداث وتورطوا بها، ثم صاروا رموز التغيير ومحركيه، وأحمد الظفيري وزهرة صالح يستحقون أن تخلد أسماؤهم معهم.
أتمنى أن تجمع حركة أصدقاء “أحمد الظفيري وإخوانه “ ملفات هؤلاء المظلومين وتوسس حسابات للتواصل الاجتماعي باسم الحركة تنشر فيه حكاياتهم الأليمة للعالم وتتابع مجرى قضاياهم في المحاكم البحرينية، وتحضر المؤتمرات الخارجية للناشطين والحقوقيين لتطرح قضيتهم، وتقيم الفعاليات الاجتماعية والسياسية والثقافية باسمهم، فقضايا هؤلاء الأبراياء أكثر عدالة من مسلسل الكذب والتلفيق الذي ما عادت قوى التأزيم، وعلى رأسها الوفاق، قادرة على أن تخطو خطوة بدون حلقات طويلة منه.
إن تأسيس هذه الحركة سيخلد ذكرى كل قصة أليمة وقعت في البحرين باسم الثورة المزعومة، فبعد هذا الكم من الضحايا فإننا لن ننسى كل مظلوم وكل بريء على أرض البحرين، ولن نقبل أن تضيع دماؤهم هدراً، ونرفض الموازنات الرخيصة للدماء التي خاضت فيها بعض الجهات التي تلاشت من ضمائرها هيبة الموت وجلال الأرواح... نحن نشعر بأرواح هؤلاء المظلومين تطوف حولنا، ونستشعر جراحهم وحروقهم تدب فينا كلما سكنت ذكراهم في وجداننا، نحن نسمع نداءهم ونشم رائحة دمائهم التي مازالت ساخنة لم تبرد في قاع الأرض بعد.
لن ننسى هؤلاء وسنحاسب من قتلهم ومن حرض على قتلهم ومن تسبب في قتلهم.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90