الدعوة التي وجهتها كتلة البحرين النيابية، والتي تضّم تسعةً من ممثِّلي الشعب، إلى عقد مؤتمرٍ ثانٍ للحوار الوطني، ومشاركة الجميع فيه من دون شروط مسبقة، بحيث يتم تداول كافة الملفّات التي تخص الوطن دون إملاءات أو سوء نية من بعض الأطراف، نقول إن هذه الدعوة جاءت في ظل تنامي الرغبة الشعبية بجلوس الأطراف المعنيّة بالخروج من الأزمة الراهنة في أسرع وقتٍ ممكنٍ، والتوصّل إلى حلول توافقية تمهِّد الطريق نحو المصالحة الوطنية.
تجدر الإشارة هنا إلى النقطة المحورية التي أثارها النائب الأستاذ علي الدرازي، ومفادها أنه “إما أن يتقوقع كل طرف في الحوار حول فكرٍ معينٍ، وهو ما يؤدي إلى الانشقاق؛ أو أن يشارك في الحوار، ويتنازل عن برجه العاجي، ويقبل بالحوار بعيداً عن المصالح الخاصة، ويستمع إلى الطرف الآخر”. ومن هذا المنطلق قامت كتلة البحرين النيابية بطرح الحوار على الجمعيات السياسية “لأننا نريد أن نجلس كجمعيات سياسية، وأن نطرح وثيقة توافقية، فنحن نريد أن نتوجّه إلى الجميع، بما في ذلك المعارضة، وجميع الجمعيات السياسية بمختلف توجهاتها، للمبادرة بالحوار حتى لو لم تفتح الحكومة الباب لذلك” بهدف رأب الصدع الاجتماعي والوطني.
إن التوصّل لاتفاق موحّد من جانب جميع القوى بشأن موضوعات الحوار التوافقي الوطني المأمول، وآليّات تسييره، لم يعد مهمةً سهلة التحقيق، لأن واقع الحال يشير إلى أن التباينات بين آراء الأطراف السياسية ذات العلاقة تعود جزئياً إلى اختلاف فهمها لأسباب الأزمة، وتشخيصها للوضع السياسي، والمهمات الملحة الواجب التصدِّي لها في الفترة الحالية تحديداً.
لكن الأهم من هذا وذاك أن يتم استيعاب المواقف المتضاربة للأطراف السياسية بصفتها تعبيراً عن اختلاف المكوِّنات الأساسية للمجتمع البحريني في تحديد مسبِّبات الحالة الراهنة، وهو ما يستدعي جلوس النخب السياسية والدينية التي تمثِّل أبناء الطائفتين، وتحديداً الفئات والهيئات التي تتبنّى نهجاً اعتدالياً رصيناً في معالجة الأزمة، وتعتمد مواقف عقلانية متوازنة، لتقول كلمتها الفاصلة، وتسعى إلى التركيز على القواسم المشتركة، ونبذ الخلافات والمزايدات العقيمة، وصولاً إلى رؤيةٍ شعبيةٍ وطنيةٍ واحدةٍ تنقذ البلاد والعباد، وترسم للأجيال الصاعدة مستقبلاً أكثر إشراقاً!