عندما وصلتني تغريدة الأخ الصديق خالد الخياط حول ملحف الخير والمزاد الخيري لمرضى السرطان شفاهم الله برعايته، لم استغرب من عظمة الفكرة وصاحبتها ولا من حماس الداعي لها؛ لأن هذا الإنسان الوفي عودنا دائماً على دعم مثل هذه الأعمال الخيرية والدعوة لها، فالملحف هو ما يغطى به السرير، لكن قيمته المعنوية هي ما يحاول خالد توصيلها كفكرة لتغطية مصاريف ومعاناة مرضى السرطان، فضلاً عن قيمته المادية للمريض وأجره الذي يحتسب عند الذي لا يضيع لديه عملاً، حيث إن هذا الملحف الخيري خيطته وطرزته إحدى ضحايا هذا المرض الخبيث شفاها الله منه، وهي عند كل شكة إبرة كانت تسبّح وتكّبر لله، وعند كل شكة خيط من أطرافه كانت تثّني وتحمد الله كثيراً وتكبره تكبيراً. عاشت هذه السيدة مع ملحف الخير والبركة أياماً تعاني فيها المرض من جهة وتحتسب من الله الأجر والعافية من جهة أخرى، وهي تحتضن هذا الملحف كالرضيع ليلاً نهاراً حتى انسجم مع أناملها الطرية وكأنه وجد أماً حنونة تراعيه ولا تغرس الإبرة فيه إلا بدعاء وتهليلة وتكبيرة، حتى صار هذا الملحف يشاركها الألم والدموع والأمل بالشفاء طيلة خمسة آلاف دقيقة، وما أن جهز وصار صالحاً للاستعمال حتى جاءت فكرة بيعه لأهل الخير وأصحاب الأيادي البيضاء من أجل إنقاذ أو المساعدة ولو بالقليل لمرضى السرطان في البحرين من قيمته الرمزية، إذ إن مبلغ المزاد المطروح لبيعه يساوي عن كل دقيقة قضتها السيدة الفاضلة المريضة في خياطته يضع فيها المشتري ابتسامة لمريض يسأل الله الشفاء من هذا المرض ودعاءه المستجاب بإذن الله غير منقطع للمشتري أو المتبرع وأن يكتب في ميزان حسناته ويكثر من أمثاله وأن يرزقه الله عن كل فلس بألف دينار. تعودنا في البحرين والخليج العربي على التكافل والتضامن الاجتماعي منذ الأزل، ومازلت أذكر جارنا أبو صالح عندما قرر إضافة غرفة في بيته المتواضع بمناسبة زواج ابنه البكر، وما أن وصل الرمل والإسمنت عند باب الدار حتى سمعنا جعجعة غير معهودة لنا نحن الصغار في الفريج، حيث خرج شباب الفريج وعواجيزه والنسوة مشمرين سواعدهم للقيام ببناء الغرفة دون الحاجة إلى عمال وبنائين، وكلٌ جاء بما لديه من معدات ليسخرها في خدمة “بو صالح”، ولم يمر يومان على شدة العزم والهمة من أهالي الفريج إلا وكانت الغرفة جاهزة بكامل تجهيزاتها ومفروشة بالكامل، ولم يتبق إلا قدوم العروس بثوبها النشل وصندوقها المبيّت، حيث شاهدت هذه الواقعة الإنسانية التكافلية التضامنية بنفسي. لهذا لن أستغرب عندما أرى أصحاب الأيادي البيضاء يمدون يد العون والمساعدة لإنجاح فكرة السيدة الفاضلة ودعم الأخ خالد الخياط في شراء ملحف البركة والخير المشمول بالأدعية والتكبيرات والتسبيحات الصادقة والصادرة من لسان رطب بذكر الرحمن جل جلاله. سائلين الله عز وجل أن يكتب لهذا المشروع النجاح وللقائمين عليه، ودمتم أهلاً وعوناً للبحرين وللمرضى متكاتفين ومتعاونين لمرضاة الله عز وجل.