عندما تضعف الأمة تعود من جديد، وعودتها اليوم بدأت من البحرين وتلتها سوريا.. إنها الأمثال تضرب لنا بكيفية قيام الأمة وكيفية النصر، حين جعل الله النصر في الثبات والعزيمة وقوة الإيمان والثقة بالله، ونحن اليوم - إن شاء الله - جمعت فينا هذه الصفات، وعلى الجميع أن ينظر لها بعين التقدير وأن يضعها في مقدمة أسباب النصر، سنتحدث هنا عن ماضي الأمة التليد من عهد محمد صلى الله عليه وسلم وكيف انتصر الحق على الباطل، وكيف كان الفاصل بين الأمم المارقة التي تحارب في سبيل الطاغوت وبين العدد القليل الذي يحارب في سبيل الله، وكيف أتاه النصر، إنها غزوة خيبر، وهي أقرب مثال لما يحدث اليوم في البحرين وسوريا، حيث اجتمع اليهود وحلفائهم بكل قواهم لمواجهة المسلمين وقد تحصنوا في حصونهم، وكما قال الله عنهم إنهم جبناء لا يقاتلون إلا من داخل حصونهم ومن وراء الجدران، ومازالت عادتهم وعادات حلفائهم حتى اليوم، الذين اجتمعوا اليوم على مواجهة المسلمين وسلب ديارهم، فخرج الجيش المجاهد بقيادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باتجاه خيبر في ألف وستمائة من المقاتلين، وفي مسيرهم الطويل أشغل المسلمون أنفسهم بقراءة القرآن وذكر الله تعالى، وصار الصحابي الجليل عامر بن الأكوع ينشد لهم ويشجعهم على المضي للجهاد قائلاً:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلـن سكينــة علينــا وثبت الأقدام إن لاقينا
وصل جيش المسلمين ليلاً على مشارف خيبر وعسكروا حول حصونها حتى استيقظ أهلها فوجدوا أنهم محاصرون بالمسلمين، فدب في نفوسهم الرعب، فنادى النبي صلى الله عليه وسلم بصوت ارتجت له حصون الكفر وقال: «الله أكبر خربت خيبر»، فرددها الصحابة خلفه، فأيقن اليهود أنهم مغلوبون. وتداعت حصون خيبر واحداً تلو الآخر، فلما أيقن اليهود بالهلاك سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يوقف الحرب واستسلموا على ألا يقتل منهم أحد، وهكذا انهزم اليهود وحلفائهم.
ما حصل في البحرين حين تواجه الحق والباطل وصدح صوت الحق بين أرجاء السموات والأرض بالتكبيرات تراجع الباطل، حتى عاد إلى ما وراء حصونه يتباكى ويترجى الصلح، ليس للصلح؛ لكنه كعادة أهل المكائد الصلح الذي يأتي خلفه الدمار، وذلك حين تستسلم الأمة له وتركن على أنه صلح صالحين، وفي الحقيقة ما هو إلا مكر ماكرين.
إن البحرين اليوم تقف صلبة على نصر كبير أدهش العالم، لذلك فالقبول بالصلح هو تحطيم لهذا النصر مقابل مكيدة أشبه بمكائد يهود خيبر الذين لم تصف قلوبهم يوماً للرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته، وأن وقوف الدول الأوروبية وأمريكا خلف هذا الصلح يؤكد أن هذا الصلح لن يأتي منه خيراً، إذ لم يجتمع الصفويون والصليبيون قط إلا لهدم خلافة الإسلام وذهاب ملكه، وها هم اليوم يفعلون ذات الشيء، فاتفقوا على البحرين وسوريا، حيث تقف الدول الغربية وأمريكا والصين وروسيا ضد الشعب السوري مساندين نظامه، وهي ذات الدول التي تدين البحرين وتدعوها للقبول بالحوار لتمكن الفلول الصفوية من الحكم، فتفعل بعدها في المسلمين كما يفعل النظام السوري في مسلمي سوريا، إنها نفس المؤامرة ونفس الأقوام منذ عهد الرسول إلى اليوم يتآمرون على الإسلام، لذلك فإن قبول المصالحة سيكون هدماً للنصر الذي حققته الأمة البحرينية، وتسليماً للفلول الصفوية، إذ ليس لهذا الصلح أساس، فكيف يمكن أن يؤمن لفلول صفوية وهي فلول اعتادت أن تعيش على مكاسب الغدر والخيانة، ومن يعش على الغدر والخيانة لا يمكن أن يؤمن له جانب فكيف تؤمن له بلد.
^^ للدولة..
إن قوة الدولة تكمن في ثقتها بنصر الله وتأييده وليس بمصالحة ولا بمعاهدة، فلنصالح الله ولنعاهده ونلتزم حدوده، وأن يقدم أهل الخير والصلاح، كما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل عامر بن الأكوع وترك له نشر الحماسة بين المجاهدين بشعره.. فيا دولة الشهامة والعز.. نعم فلولا الله ما انتصرنا.. ولا تقدمنا ولا ارتقينا.. فأنزل يا رب السكينة علينا.. وخذ بيد مليكنا وثبته وثبتنا وانصرنا على من بغى وتطاول علينا