الدعوة إلى العفاف والستر والحفاظ على الدرة المكنونة والجوهرة المصونة من أفضل ما يتقرب به إلى الله، فالمرأة المسلمة عرفت بحجابها الذي يصون كرامتها ويحافظ على جمالها الحسي والمعنوي ويراعي أخلاقها، فمتى التزمت به فإنها ستلتزم بغيرها من الضوابط والأحكام في تعاملها مع ربها أو مع الآخرين بل إن كل من يتعامل معها يراعي ضوابط الحديث والنظر إليها، فالحجاب علامة لما تحته وعنوان لمن ترتديه. إن ربنا أمر النساء بالحجاب، فقال عز وجل: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (31) سورة النــور، فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} (59) سورة الأحزاب، فالحجاب عنوان العفة، وغالباً لا يتعرض إلى المحجبة من في قلبه مرض والفاسدون، والحجاب طهارة للقلب {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (53) سورة الأحزاب، فإن العين لو رأت تعلقت وانشغلت، والقرآن يفسر بالأحاديث النبوية والآثار الواردة عن الصحابة وأقوال العلماء المعتبرين ولا يلتفت إلى بعض من يدعي العلم زوراً فيفتي الناس بغير علم ويَضل ويُضل. وكذلك السنة التي تدعو إلى الستر والعفاف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله تعالى حيِيٌّ سِتِّيرٌ، يحب الحياء والستر” وقد جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقال: “أُبايعك على أن لا تُشركي بالله، -ثم قال- ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى” (صحيح) فقرن التبرج بأكبر الكبائر المهلكة. إذن لماذا لا نحث بناتنا على الحجاب؟! لمَ لا ترتديه المسلمة! لماذا يحارب الحجاب من قبل البعض! فمن النساء من تتخذ خلع الحجاب عادة ثم تحاول أن تدافع عن سلوكها وتُوجِد المبررات، فإذا دعيت إلى الحجاب قالت إن ذلك مجرد عادة موروثة ولا علاقة له بالدين، وإن العبرة بأخلاق المرأة وصفاء قلبها لا بهيئتها وشكلها، وتقول: كم ممن ترتدي الحجاب هي أبعد عن العفة، وكلها ظنون ليس لها اعتبار في الميزان. والعجيب أن بعض أولياء الأمور يقولون بأن البنت مازالت صغيرة فتظل الأسرة تسوف إلى أن تعتاد البنت على أمر يصعب عليهم بعد ذلك تغيير قناعتهم حوله، فإذا كان الرجل يحمل معاني الغيرة في نفسه فإنه لن يرضى بأن تبقى زوجته أو ابنته بلا حجاب. لم يعرف الحجاب هذه الهجمة الشرسة إلا في هذه العصور المتأخرة على يد بعض دعاة ما يسمى بالتحرير، ودعوات التنوير، وهي في حقيقتها دعوة إلى السفور، فكان لزاماً أن تقابل هذه الدعوات حملات وبرامج ومحاضرات تدعو إلى العفة والحجاب والستر فجاءت هذه الحركة المباركة في برنامج نوري اكتمل، الذي نسأل الله أن يجازي القائمين عليه خير الجزاء. وأخيراً إن من الناس من عُجز عن صدهم عن الحجاب فالمحيط الاجتماعي والأسري يمنعهم من خلعه إلا أن مداخل أهل السوء مازالت بهم حتى ارتدوا حجاباً أبعد عن ضوابط الحجاب الذي تغطي به المرأة المسلمة نفسها وهو ما يمكن تسميته بالحجاب المقنع، فمن ضوابط الحجاب أن لا يكون في نفسه زينة، أن يكون ساتراً بحيث يخفي ما تحته، وأن يكون واسعاً غير مفصل على الجسم، وأن لا يشبه ملابس الرجال، وأن لا تقصد به الشهرة بين الناس.