يرى علماء النفس الروس أن ثمة علاقة وطيدة بين مزاج الفرد وإنتاجيته ونجاحه في عمله، فالشخص رائق المزاج ينظر إلى الحياة بعيون التفاؤل ولذلك يستطيع أن يخرج بسرعة من قوقعة الحزن إلى عالم الفرح فيما يميل الشخص ذو المزاج العكر إلى التقوقع على الذات عندما يواجه متاعب الحياة، وهو دائم الشكوى، ويصعب تغيير طبعه خصوصاً إذا بلغ من العمر عتياً. ووجد الباحثون والمختصون في علم النفس الاجتماعي أن هناك خمسة عوامل أساسية تحدد العلاقة بين المزاج والنجاح في العمل، فالناس التعساء ينزعون إلى الانطواء على ذواتهم، وعدم الالتفات إلى مشاكل زملائهم وحاجاتهم، كما إنه كلما تمكّن الشخص من الاحتفاظ بمزاج رائق، استطاع أن يتذكر الأمور الإيجابية على نحو أسهل، والعكس صحيح، لذا فإن الناس السعداء يتذكرون فقط الابتسامات المرتسمة على الوجوه وكلمات الإطراء بينما يجّر الشخص البائس خلفه حملاً ثقيلاً من الإخفاقات المتواصلة، ومن هنا يميل المسرور إلى بذل أقصى جهده في مجال عمله باعتباره منبعاً للطاقة الإيجابية التي تقف خلف إنجازاته المهنية المستدامة. إن الإنسان الذي بطبعه يأخذ الحياة ببساطة، دون تذمّر أو تململ، يستطيع بسهولة أن يتخذ القرار، بينما ينزع المتأفف إلى البحث عن عشرات الذرائع والحجج لتأجيل هذه العملية، فالمتفائل يرى دوماً النصف المملوء من الكأس، ويعتقد أن جميع المشاكل قابلة للحل، بينما يحمل أي تغيير يطرأ على حياة المتشائم مزيداً من الإحباطات الشخصية ودوافع جديدة لليأس. وقد بيّنت الدراسات النفسية أن الناس الذين يحملون طاقةً سلبيةً ينقلونها لزملائهم في العمل بنفس وتيرة انتقال الفيروس بين الأصِّحاء، وربما أسرع من ذلك، لذا يُنصح الموظف الناجح في عمله بالابتعاد عنهم، لأن مفهوم “روح التعاون الجماعي” غريب وشاذ بالنسبة لهم. إن الناس ذوي المزاج الرائق يشعرون بالسعادة لأنهم يهبّوا لتقديم المشورة والمساعدة للآخرين، وهذا ديدنهم، أما الناس ذوي المزاج العكر فإنهم لا يفكرون في تقديم العون لزملائهم في العمل، بل ينظرون إليهم بعين الحسد، ويسعون إلى مضايقتهم كلما سنحت لهم الفرصة، لذا فإن التعاسة تطاردهم أينما حلّوا، بينما ينام السعداء قريري العين، وبراحة ضمير منقطعة النظير!