مؤلم مستقبل الفلسطينيين في سورية. لو وقف بعضهم مع الاسد، لحقد عليه الثوار ولتوعدوه بالذبح. لو وقف الفلسطينيون مع الثورة السورية، لانتقمت منهم جماعة الاسد والشبيحة. لو وقفوا على الحياد، لدفعوا الثمن من الاسد وخصوم الاسد، باعتبار ان موقفهم ضبابي. الاهم ذاك الذي اعتادت عليه «اسرائيل» من تدمير كل كتلة فلسطينية في اي بلد عربي اقتصادياً او عسكرياً بوسائل مختلفة، وفي هكذا مناخات تدخل اطراف اخرى لتستفيد من الوضع السوري لايذاء الفلسطينيين، الذين تعتبرهم تل ابيب خطراً متحركاً يتوجب اضعافه. بعض المنظمات الفلسطينية العاملة في دمشق، تتلقى المال من النظام السوري، ومن الطبيعي ان يتورط بعضها في اعلان مواقف لصالح نظام الاسد، وهذه المواقف يجب ان لا تنسحب على بقية الفلسطينيين في سورية، اذ خبرنا في قصص سابقة كيف يدفع عوام الناس ثمن تصريحات «الابوات» ومواقفهم السياسية وافعالهم الميدانية في لبنان والكويت والعراق ومواقع اخرى؟!. يقال هذا الكلام حتى تفهم الثورة السورية ُمبكراً ان لا دخل للفلسطينيين بما تفعله البندقية القابلة للايجار للعواصم، وما يمكن من حسابه من افعال على بعض متمولي العمل العسكري والسياسي، ايضاً، لا يمكن سحبه على بقية الشعب الفلسطيني في سورية. الجانب الاخر يتعلق بما تفعله اجهزة بشار الاسد ضد المخيمات الفلسطينية في سورية، من قصفها و»المرجلة» عليها وعلى من فيها، وهي مرجلة خبرناها في تل الزعتر ومواقع اخرى، وهي ذات «المرجلة» على الشعب السوري ايضا. مرجلة الاسد على الفلسطينيين تأتي تحت ذريعة ان هناك تسللا للثوار الى هذه المخيمات، وأن هناك اسلحة وتحركات للثوار في هذه المخيمات، وكل هذا كذب، لان الثوار السوريين موجودون في كل سورية، ولم يتم توليدهم في المخيمات الفلسطينيية. على نظام الاسد، واذا بقي لوقت قصير، ان يفك شره عن فلسطينيي سورية هذه الايام،لانهم يدفعون الثمن مرتين، الاولى بظن الثورة ان بعض الفصائل الفلسطينية تعمل ضدهم، والثانية حين تتهم الدولة مخيماتهم بايواء فارين وثوار. تأخذنا الزاويتان الى سؤال مفتوح حول الفلسطيني في سورية، وكيف سيصمد بين سندان النظام السوري ومطرقة الثورة، وهذا يقول لك ان الفلسطينيين في نهاية المطاف قد يبدأون بالخروج من سورية نحو دول الجوار، وامام فلسطينيي سورية عدة دول، تركيا،لبنان، الاردن، والعراق، والارجح ان النزوح يبدو ترفا في هذه الحالة، ولن يتحقق. لبنان تأتي مغلقة لوجود توتر شديد من الفلسطينيين فيها ومن ذات العلاقة معهم، ولمواقف طوائف اخرى، من الموارنة وغيرهم وهي طوائف تأخذ موقفا سلبيا منهم،لاعتبارات قديمة وجديدة، خصوصا، ان هناك تجارب دموية بين الجانبين. العراق موصد. تم اساساً التشاطر على فلسطينيي العراق بتهجيرهم وذبحهم واخذ بيوتهم وتشريدهم في الصحارى على يد ثوار العراق الصناديد الذين حقدوا على الفلسطينيين باعتبارهم «سنة» تؤيد صدام حسين!. تركيا وامكانية الهجرة اليها صعبة لاسباب فنية تتعلق بطبيعة الوثائق المؤقتة التي يحملها الفلسطينيون في سفرهم، ولاعتبارات البعد الجغرافي وغير ذلك، والاردن لاسبابه وامكاناته ولظروفه الداخلية لا يقدر ان يفتح الابواب كذلك. هذا يقول ان الكتلة الفلسطينية في سورية تجد نفسها في عمق الازمة السورية، وان هذه الكتلة مهددة اليوم بأمنها وحياتها، ومعرضة لمخاطر كثيرة تصل حد المذابح الجماعية والتصفيات الانتقامية من قوى الصراع في سورية، ايا كانت بوصلة الحسم. يبقى السؤال: كيف يمكن حماية الفلسطينيين في سورية بتدخل عربي ودولي، حتى لا يدفعوا ثمن ازمة لا تخصهم، وحتى لا يجدوا اعناقهم تحت سكاكين الفرقاء السوريين؟!. - عن صحيفة « الدستور» الأردنية