هذا هو شهر رمضان قد أتى؛ مبتسماً كابتسامة الشروق في أول الربيع، عليك أن ترد الابتسامة بأفضل منها، عليك أن تبتسم وتطلق لاستقباله مدافع الورود، معطياً أصوات العطور مساحة مناسبة، هي مساحة الكرة الأرضية.
إنه رمضان؛ شهر انفتاح السماء على الأرض، وانفتاح القلب على القلب. وانفتاح الإنسان على الإنسان في كل قارات العالم.
لهذا عندما نتكلم عن أسباب الرزق الدائمة لأي إنسان في الشهر، نراها أمامنا واضحة كوضوح الشمس في ظهيرة أيامنا الحارة هذه، عندما يكون الإنسان صائماً يصبح جسده وفكره وقلبه نوعاً من أنواع المرايا الداخلية تعكس غير المرئي، وبذلك يصبح قادراً على استقبال النعم الكونية؛ نعمة الصحة، ونعمة المال، ونعمة السعادة والرضا. حتى يصل أي إنسان إلى مرحلة الرضا يكون قد ربح الدنيا والآخرة.
ومن المعروف لكل من مارس المحبة أن أول هذه الأسباب كَثْرَة الشُّكْر، حيث الشكر دائماً اقترن بمضاعفته، وقد قال سبحانه وتعالى «لئن شكرتم لأزيدنكم»، وقَالَ قَتَادَة: «حق عَلَى الله أن يعطي منْ سأله ويزيد منْ شكره، والله منعم يحب الشاكرين، فاشكروا لله نعمه».
والشكر في نفسه ومعناه أن تعلم أن النعمة من الله سبحانه وتعالى، وأنه لا نعمة على الخلق من أهل السموات والأرض إلا وبدايتها من الله عز وجل، فتكون الشاكر لله عز وجل عن نفسك وعن غيرك بمعرفة نعم الله على الخلق جميعاً، مساحة شهر كامل، شهر من الانفتاح على كل ما هو خيّر وطيّب وجميل، وإنساني، شهر كامل هو فرصه لكل إنسان، أن يكون فيه كما يحلم أن يكون، مانحاً بلا منّة، لكل النعم التي منحها لنا الخالق.
فإن تعطي المال بحب، يأتيك عشر أضعاف ما أعطيت؟
وإن قدمت الكلمة الطيبة ستأتي إليك الكلمات الطيبة من كل الجهات، وإن ساهمت في فعل كل ما هو خير ستجد الخيرات تدق على باب بيتك. رمضان مختلف عن بقية شهور السنة.
رمضان فرصتك؛ لا تترك هذه الفرصة تعبر دون أن تحولها إلى ساحة محبة، ساحة عطاء، ساحة تحفيز وتشجيع لزراعة المزيد من بذور الجمال في الساحة الكبيرة، ساحة الإنسان.
لا تنظر إلى دين الآخر، إلى اللغة المختلفة عن لغتك، عن عاداته المغايرة لعاداتك، عن بشرته التي لا تشبه بشرتك، بل انظر إلى الجوهر؛ إلى أبعد من القشرة، فكل الأرواح قادمة من محبة الله لمخلوقاته.
أعطِ ولا تنتظر المردود
قدم المحبة ولا تنتظر النتيجة
افعل الصالح واتركه يذهب أين يشاء.