بفخر واعتزاز وثقة أقول إن أهل البحرين هم من علموا الآخرين المحبة والتسامح والحب، هم من قبلوا بالتعايش مع الآخر، حتى وإن علموا بأنه يضمر شراً بمجرد أن يكبر. أهل البحرين -المحرق والمنامة وكل المناطق الجميلة- علموا الزائر الحب، علموا الآخرين أصول الطيبة البحرينية، فنحن صناعها، ونحن من وضع أخلاقياتها، الغريب يأتي إلينا ولا يريد أن يغادر البحرين. المحرق والمنامة وبقية المناطق الجميلة حين يأتي إليها الغريب تأخذه بسحرها، وبطيبة أهلها، فلا يريد المغادرة، بينما انظروا اليوم من أين ينزح الأجانب والعرب وإلى أي المناطق يذهبون... لماذا؟ أهل المحرق الطيبون جعلوا مدينتهم بطيبة قلبهم مقصداً لإقامة الإخوة العرب والأجانب، فلا شيء أجمل من أنك تعيش بين أهلك حتى وأنت في غربتك. نحن أصحاب المحبة الحقة، نحن أهل الأخلاق الحقيقية، فالذي تباكى على التسامح ويتلون بألوان الطيف “بحسب الظروف” هو من يحتاج لأن يتعلم تسامح أهل البحرين الحقيقيين، ومن حصل على الجنسية ربما لم يتشرّب بأخلاق أهل البحرين، ولذلك يأتي بأفعال ليست من أخلاقهم. من شق الصف، ومن غدر بالبحرين هو الذي يجب أن يسدد صكوك التسامح، لسنا نحن. بالفطرة تربينا على التسامح، وهي جينات في دماء أهل البحرين، لكن هناك فرقاً بين التسامح وبين أن يكون الإنسان مغفلاً وساذجاً، يقال له سلم نفسك وقت الانقلاب أو ارحلوا، ويقال له وقت الفشل نريد التسامح والنسيان وطي الصفحة. طي الصفحة..؟ الله هذا يعني أننا نطوي الصفحة حتى موعد انقلاب آخر. لا أعرف لكني تذكرت أغنية عبدالكريم عبدالقادر “وقت التسامح راح” ليس لأننا لا نحب التسامح هذا ليس نهجنا ولا تربيتنا، إنما لسنا سذجاً ومغفلين، حتى ننتظر محاولات أخرى. الطيبة عندنا ممتزجة بدمائنا، الطِيبة خلايا وجينات وفطرة، لكن أيضاً الدرس القاسي جعلنا نصحو من الغفلة، ونقول إننا لسنا مغفلين. إذا كان بسيوني يقول إن البحرين لم تكن تحتاج إلى ثورة، فلماذا تأخذون جزءاً من كلامه الذي يروق لكم وتشطبون الذي يدينكم؟ البلد لم تكن تحتاج ثورة، لكن من الذي أدخلها في النفق المظلم، من أدخلنا هو الذي يجب أن يسدد كل الفواتير، من جرح كرامة الوطن وأهل البحرين عليه أن يسدد أثمان العلاج. الدولة تعامل أهل البحرين الذين وقفوا مع سيادة الدولة والحكم وكأنهم هم الفاعلون، أو هم سبب ما حدث، وهذه مصيبة. تحاسبون من وقع عليه الأذى والفعل، وتقولون له أنت من يجب أن تتسامح، أي شرع وأي قانون وأي مبادئ هذه؟ من وقع عليه الظلم وتم شتمه شهرين كاملين يقال له اليوم أنت يجب أن تتسامح، فقد عاد الانقلابيون ولبسوا أقنعة “التمسكن”.. يا لها من أزمة. من يريد أن يعلم التسامح يجب أن يعرف من هم أهل المحرق والمنامة والرفاعين، وما هي أخلاقهم عبر تاريخ البحرين، هؤلاء نموذج للطيبة والمحبة والتسامح، لو أن شخصاً أو عائلة من قرية أرادت أن تسكن المحرق حتى اليوم تسكن بكل حب وبكل مودة ولا أحد يتعرض لهم. لكن ماذا لو سكنت عائلة سُنية في قرية ما...؟ هل لكم أن تعطونا الجواب عما سيجري لهم؟ من الذي يجب أن يتعلم التسامح؟ المواطنة زهرة راحت ضحية أنها تسكن بقرب عملها، هذه هي حقيقة الإرهابيين وحقيقة من يريد أن يلقن أهل البحرين “التسامح المغفل”!! لسنا من يستهدف أحداً، الآخر يستهدف وجودنا، فإن لبسنا ثوب التسامح دون عقل فلا خير فينا.