جرت مجزرة دير ياسين في التاسع من أبريل عام 1948م، وأقدم على ارتكابها المحتل الصهيوني بحق سكان إحدى القرى الفلسطينية العزل، وارتكبوا فيها أبشع الموبقات، وأقدموا على ارتكاب كل الفظائع والمحرمات، دون أي رادع أو ضمير، أو أدنى نوع من أنواع الحيوانية، فضلاً على الإنسانية، وتم قتل كل سكان القرية ولم ينجوا منهم إلا ثلاثون شخصاً.

وقد أرخ لهذه الجريمة الصحافي الأمريكي “لورانس جريزوولد” في كتابه “ادفع دولاراً تقتل عربياً” بقوله: “وكانت دير ياسين أول نصر أحرزته الأرجون، حين كان المزارعون العرب وأفراد أسرهم ينصبون خيامهم في وسط القرية، اقتحمت دبابتان من طراز “يشرمان” طرق دير ياسين الضيقة وسحقتا فلاحين متعبين كانا نائمين قرب عتبتي بيتهما، وكان يصحب الدبابتين قوة من الصهاينة يبلغ عددها خمسمائة رجل مزودين بمدافع التومي والأسلحة الأوتوماتيكية الفتاكة” ويواصل الصحافي الأمريكي وصفه للمأساة قائلاً: “ولقد صرحت القلة القليلة التي بقت على قيد الحياة من أبناء دير ياسين، ومعظمها من النساء اللواتي سُلبن كل ما عندهن ومزقت أثوابهن تمزيقاً، واللواتي استعرضهن الصهاينة في شوارع تل أبيب في سيارات كبيرة، قبل أن يسلموهن بالرغم منهم إلى الصليب الأحمر الدولي، صرحت هذه القلة القليلة التي لم تأت عليها فظائع اليهود بأن الدبابتين اقتحمتا سوق القرية وأطلقتا نيران المدافع الأوتوماتيكية على الأهالي المحتشدين في الساحة، وبعد أن أطلقت الدبابتان نيرانهما تعقب الجنود الإسرائيليون أهل القرية الفارين بأنفسهم وقتلوهم في غير ما استبقاء، بينما كانوا يهربون أو يختبئون في الطرق أو في منازلهم” ويستكمل الصحافي الأمريكي بقايا الصورة للمذبحة الوحشية، فيقول: “.. وكانت بعض الفظائع التي تلت تتطلب شيئاً من الخيال، فقد جمع الغزاة خمساً وعشرين امرأة حاملاً، ووضعوهن في صف طويل ثم أطلقوا عليهن النار، ثم أنهم بقروا بطونهن بالمدى أو بالحراب، وأخرجوا الأجنة منها نصف إخراج، وقطع الأطفال إربّاً إربّاً أمام أعين آبائهم الذين مازالوا على قيد الحياة، وأخصي الأطفال قبل أن يقتلوا، وانتزعت الحلي والخواتم من أجساد القتلى، وبترت أصابع الضحايا الذين وجد المعتدون عسراً في انتزاع خواتمهم”. من كتاب أمريكا من القمة إلى القاع للكاتب عبدالرحمن علي البنفلاحي، من مقالة بعنوان وكلاء الشياطين، ص24-25.

ورغم الإدانات التي صدرت بحق المحتل الصهيوني من قبل العالم إلا أن هذا المحتل واصل ارتكابه هذه المجازر في كثير من المدن والقرى الفلسطينية، وبحماية الفيتو الأمريكي، دون خوف أو وجل من أحد.

وهو نفس ما أقدمت عليه قوات الاحتلال الأسدي وقامت بارتكاب عشرات المجازر والضحايا على مدى سنة ونصف كاملة من عمر الثورة السورية المباركة، وكان أبشع هذه المجازر، المجزرة التي ارتكبت في قرية “القبير” يوم الأربعاء السادس من شهر يونيو عام 2012م حيث أقدمت قوات الاحتلال الأسدي على دخول القرية الواقعة في الريف الحموي، بعد محاصرتها بالدبابات وراجمات الصواريخ، وعمدت بعدها إلى قتل كل من فيها ما عدا أربعة منهم كانوا خارج القرية، وحرقت الأطفال والنساء والرجال وهم أحياء وأموات، وقامت بسرقة عدد من الجثث وأخذهم إلى قرى الأسد، ومنعت فرق المراقبين من دخول القرية، عدة أيام، لكي لا تنكشف الجريمة النكراء التي ارتكبت بحق العزل من قرية القبير.

إلى أن تمكنت فرق المراقبة من دخول القرية يوم الجمعة الثامن من الشهر نفسه، وما وصفوه عن وضع القرية شيء يبعث على الخوف والرعب ويصف مدى الإجرام الحاصل، إذ لفت المتحدث باسم الأمم المتحدة “مارتن نيسيركي” في بيان للمراقبين، بأنهم: “رأوا آثار آليات مصفحة، ومنازل متضررة بشكل كبير نتيجة قصف لصورايخ وقذائف يدوية وأسلحة أخرى” مضيفاً: “في بعض المنازل كان بالإمكان رؤية دم على الجدران والأرض، كان ثمة نيران خارج بعض المباني، وانتشرت في الهواء رائحة قوية للحم محترق” وكانت البلدة فارغة من سكانها خلال زيارة المراقبين الذين لم يتمكنوا من التحدث مع أي شاهد عن المجزرة، وأشار نيسيركي إلى أن سكاناً من القرى المجاورة توجهوا للقاء المراقبين، وأخبروهم بما سمعوه وتحدثوا عن أقارب فقدوهم.

ووصفت بأنها أبشع من مجزرة “الحولة” التي سبقتها بأيام وقتل فيها مائة وأربعون شهيداً تم ذبحهم بالسكاكين، أغلبهم من النساء والأطفال.

ورغم الإدانات الدولية للمجازر التي ترتكب من قبل الاحتلال الأسدي، إلا أن هذا المحتل يواصل قتله، وإبادته للشعب السوري، وبحماية الفيتو الروسي والصيني هذه المرة، دون خوف أو وجل من أحد.

ومن يتابع أحداث المجزرتين يجد أن مرتكب هذه المجازر والمخطط لها شخص واحد حاقد على الإسلام والمسلمين، خال من الإنسانية وفاقد للعواطف الحيوانية، لا هم له إلا الحفاظ على هذه الدولة المسخ التي قامت على أجساد الضحايا، ولو أدى هذا إلى إبادة شعوب بأكملها.

وهذا رد على من يدافع عن الصهاينة والأمريكان، وأنهم لم يفعلوا ما فعله الجزار الأسد، ودليل على أن الحرب الحاصلة في سوريا تجري نيابة عن الصهاينة والغرب، كما جرت نيابة عنهم في العراق على يد المالكي والجعفري وشلبي، وما تغير هو استبدال الفيتو الأمريكي بالفيتو الروسي والصيني. وبعد أن كانت إسرائيل ابنة أمريكا المدللة، ظهر بأن الأسد هو الابن المدلل للصهاينة، وأنه تربية صهيونية بامتياز!! وأما نحن العرب والمسلمين فسنواصل شراء البضائع الصينية والروسية والأسدية والإيرانية لنقتل بها سورياً، كما نفعل من شراء للبضائع الأمريكية، مشاركين في هذا بقتل إخوتنا المسلمين في كل مكان، علمنا هذا أم لم نعلم!